آراء

د. عبدالرزاق محمد الدليمي: بلاسخارت وشهادة الزور

في الوقت الذي يتزلف به الخلبوصي لذيول الفرس وينسج الحكيم خيوط الحب مع النساء الجميلات العراقيات منهن والعربيات مع النفط ومشتقاته، ويستمر المالكي بحربه الضروس للعودة الى رئاسة الوزراء لنفسه او لمن يعملون لاجندته غير الوطنية،والعامري والخزعلي والقائمة تطول..اقول في هذا الوقت حيث يستمر الشعب بتحمل اعباء فشل جميع الطبقة السياسية الفاسدة،بأعترافهم جميعا،واعترافهم أمام العالم انهم لا يصلحون لقيادة العراق.ومع ذلك يستمرون بكل جرائمهم للاستمرار في السيطرة على البلاد والعباد…ويتزامن ذلك مع ثورة الشعوب (العربية والبلوشية والاذرية والكردية والفارسية والتركمانية)داخل مايسمى الجمهورية اللااسلامية..واستمرار المواجهة بين روسيا وحلفائها من جانب واوكرانيا ومعها حلف الناتو….وازمات الطاقة والوقود..واحتمال المواجهات النووية التي قد تنهي الحياة على كوكب الارض اذا ما اندلعت!!!! اضافة الى الاحتقانات هنا وهناك وكلها نذر شر على البشرية.
شهادة الزور
روى احد العراقيين الذين يحبون بلدهم وشعبهم،انه تقدم بعدة طلبات والتماسات الى البرلمان الاوربي،وبعد الحاح شديد ومتابعة استثنائية ،سأله الشخص المعني بالبرلمان ،السؤال التقليدي،ماهي مشكلتك؟ اجابه العراقي الغيور اطلب من الاتحاد الاوربي حماية الشعب العراقي وانقاذه من جلاديه ،واجابه المسؤول الاوربي الكبير،كيف تقول هذا والعراق ينعم بالديمقراطية والاستقرار الامني والاقتصادي،فأستغرب العراقي !!!!من الجواب ،وهنا اضاف المسؤول الاوربي ان بلاسخارت زودتنا بتقرير تفصيلي يؤكد ان امور العراق وشعبه بأفضل حال…ولم ينفع كل ما قدمه المواطن العراقي من ثبوتات وادله تؤكد ان بلاسخارت شاهدة زور،وقد امتلئت جيوبها بأموال ملطخه بدماء الشعب العراقي.
منذ إقامتها الطويلة ــ نسبيا ــ في العراق بصفتها مندوبة الأمم المتحدة إلى العراق ،اطلعت بلاسخارت على أحوال العراق المزرية و المتدهورة يوما بعد يوم ومن جميع النواحي ، وعرفت حقيقة الأحزاب الفاسدة و المتنفذة التي تقود البلاد إلى مظاهر الفوضى السياسية والانفلات الأمني وشبه انعدام الخدمات وكثرة السرقات للمال العام ،حيث حرصت على أن تقيم علاقات سياسية واسعة مع زعماء وقادة هذه الأحزاب و التنظيمات والتيارات المتنفذة والنافذة ، عبر لقاءات عديدة ومتكررة بحيث أصبحت ضيفة دائمة على مقرات إقامتهم و مكاتبهم ذات اثاث وثير وفخم ، طبعا ثمنه مسروق من المال العام ..
وقد فعلت ذلك كشاهد زور، أكثر من كونها ممثلة الأمم المتحدة التي يعنيها مصير العراق الذي أصبح أمام أنظارها أشبه بفريسة سهلة ، مغلوبة على أمرها ، أمام ذئاب الأحزاب الفاسدة وذات الأجندة الأجنبية والتي اعتادت على تمزيق أشلائه ، قطعة بعد قطعة ، لتلتهمها بكل لذة و سادية نهمة …في هذه الاجواء ومن باب رفع العتب ،والتهرب من مسؤولية الجرائم التي تسببت بها الامم غير المتحدة ،ضد الشعب العراقي،بتسهيل مهمة احتلاله وقتل وتشريد اهله،وتدمير بلدهم،قدمت بلاسخارت احاطتها المغلفة بكلمات وعبارات حق يراد بها باطل ؟؟!!!! عن الواقع المنفلت المتفجر في العراق المحتل امام مجلس الامن في الثلاثاء الرابع من هذا الشهر، أو حتى أقل من ربع الحقيقة ، وربما الغاية من وراء ذلك هي محاولة الستر والتمويه على الحقيقة المخزية لزعماء و قادة وأحزاب ، الذين أوصلوا العراق إلى حافة الخراب والضياع الحاليين ..ويبدو ان بعض العراقيين لازال يراهن على حصان الامم المتحدة المعوق ويرتجي خيرا وحلول من جهات خططت ونفذت احقر جريمة شهدها العصر بحق بلد عضو مؤسس في عصبة الامم ومن بعدها الامم غير المتحدة باحتلال العراق.

لا جديد في احاطة بلاسخارت
أكدت جنين بلاسخارت ان حمام الدم لايزال مستمراً في العراق بسبب الخلافات السياسية، وحديثها المبهم عن نظام سياسي يعمل ضد المواطن ..وان المواطن فقد ثقته تماماً بالطبقة السياسية، لكن الحل هو بقبول الاطراف والقادة حواراً صادقاً ورغبة سياسية تقوم على اساس تسوية الأزمة العراقية، ويجب على القوى الاعتراف بأن التغيير البنيوي في العملية السياسية اصبح ضرورياً، المصالح الحزبية تمنع تقدم جهود التنمية الاقتصادية وتقف ضدها ،احتكار السلطة سيؤدي الى غياب الاستقرار في العراق‬ وسينسحب على اقليم كردستان ،المواطن العراقي رهين وضعٍ لا يُحتمل..
أما تأكيد بلاسخارت على أن النظام السياسي الحالي في العراق يعمل ضد الشعب، فهو رغم أنه صحيح 100% لا يعدو أن يكون مجرد تعبير هلامي ، غامض ، و شبه إنشائي ، غارق في عموميات مضببة ، لكونه يأتي تشخيصا مفتقرا إلى تحديد العناصر الأساسية والفعّالة لهذا النظام الفاسد الذي يعمل ضد المواطن و المتجسدة بزعماء وقادة أحزاب وتنظيمات ومليشيات، مجموعات مسلحة ، و دكاكين سياسية ارتزاقية أخرى ، مغلفة بتوظيفات دينية أو مذهبية لتشريع لصوصيتها ، هم الذين قادوا و يقودون هذا النظام الهجين والفاسد منذ ما يقارب عشرين عاما وحتى الآن ، وبالنتيجة هم الذين يتحملون كل المسؤولية من كل ماحصل ولا يزال بالعراق وشعبه اضافة الى الطائلة القانونية الجنائية ،جراء تلك الجرائم السياسية والأمنية و الاقتصادية..
إذ كان ينبغي عليها أن تُشير وبكل صراحة ووضوح ، إن الطبقة السياسية العميلة الفاسدة لا تهتم وغير معنية بمعاناة العراقيين، وهي عديمة الفائدة ، والأحزاب السياسية الفاسقة تتقاتل من أجل البقاء في السلطة وهذا احد اهم اسباب استمرار الاوضاع الشائكة المضطربة في العراق…. قالت بلاسخارت!!! “ليس لدينا ما نخسره بعد الآن” ، في إشارة إلى المظاهرات التي يقودها الشباب. “نحن بحاجة إلى أن نكون أكثر شجاعة … يجب أن نستيقظ ، لا أحد يتحدث نيابة عنا على أي حال.”لقد استنفدوا من جراء الدراما السياسية المستمرة في العراق ، ونشأوا إلى جانب سلسلة من الأحداث المؤلمة للغاية ، وهم عالقون في وسط الجماعات السياسية والميليشيات المتنافسة التي يقولون إنها لا تمثلهم.

انهم لايريدون التغيير
جاءت عبارات بلاسخارت كما هو متوقع مؤيدة وداعمة لوجهة نظر الاحتلال الامريكي البريطاني الداعم لاستمرار العملية السياسية سيئة الصيت والمحتوى ومنها حث البلاد على معالجة الافتقار المتزايد للإيمان بين العراقيين بنظامها السياسي ،وعلى تشكيل حكومة والمضي قدما في الإصلاحات الحاسمة في مجلس الأمن الدولي ….لقد فقد الكثير من العراقيين الثقة في قدرة الطبقة السياسية على العمل لمصلحة الوطن وشعبه. الفشل المستمر في معالجة فقدان الثقة هذا لن يؤدي إلا إلى تفاقم مشاكل العراق “.واضافت “أهمية الحفاظ على الهدوء ، والحفاظ على الحوار ، والامتثال الدستوري ، واحترام المبادئ الديمقراطية ، والعمل دون عوائق لمؤسسات الدولة ، وحكومة فاعلة لمعالجة المطالب المشروعة لتحسين الخدمات العامة ، والوظائف ، والأمن ، وإنهاء الفساد والعدالة والمساءلة.لكن للأسف ، ساد الخلاف والتلاعب بالسلطة على الإحساس بالواجب المشترك. وكنتيجة مباشرة للتقاعس السياسي المطول ، مر العراق ببعض الأوقات الحرجة والخطيرة للغاية.وقالت “في غضون ذلك ، كان المواطن العراقي العادي رهينة وضع لا يمكن التنبؤ به ولا يمكن تحمله”.لا يزال العراق يسيطر عليه عدم الاستقرار السياسي والحكومة المتعثرة ، وزادت التوترات بين بغداد وحكومة إقليم كردستان بشأن الوصول إلى الموارد الطبيعية ،كما نددت هينيس بلاسخارت بالهجمات ضد الأكراد في العراق ، قائلة إنه يجب أن تتوقف.

ويلاحظ للاسف ان الاخرين يشاطرون بلاسخارت بنواياها وعلى سبيل المثال لا الحصر.. أعرب نائب سفير دولة الإمارات لدى الأمم المتحدة ، محمد أبو شهاب ، عن قلقه إزاء التأخير في تشكيل الحكومة ، ودعا جميع أصحاب المصلحة المعنيين لتجاوز العقبات الحالية و “ضمان تغليب مصالح الشعب العراقي على جميع الاعتبارات”.وقال: “نؤكد هنا أن المزيد من العنف والتصعيد لن يؤثر فقط على العراق وشعبه ، ولكن المنطقة بأسرها أيضًا”.
الشعب هو مفتاح الحل
منذ الأول للاحتلال الامريكي البريطاني الفارسي المدعوم من الغرب الامبريالي، تستنمر مقاومة الشعب العراقي للاحتلال وعملائه،ناهيك عن الاحتجاجات والتظاهرات الكبرى في العاصمة العراقية بغداد والمدن العراقية الأخرى ، المطالبة بالقضاء على الفساد وتحسين الخدمات وتوفير فرص عمل، وتستمر التظاهرات التي يخرج فيها الشعب الأكثر اتساعاً مقارنة بسابقاتها ويطالب بحقوقه التي سلبها اللاحتلال وعملائه
ومن المفارقات أن تلك التظاهرات اتسمت بأن معظم المشاركين فيها شباب من المناطق الفقيرة المهمشة سيما ذات الغالبية الشيعية، ويعد ذلك مؤشرا على استياء القاعدة الشعبية الأوسع التي تعتمد عليها الحكومة في العراق حاليا . وعلى الرغم من قمع القوات الامنية العراقية والميليشيات التابعة لإيران ، الا ان الملاحظ هو تزايد انضمام طلبة المدارس والجامعات في محافظات الوسط والجنوب إلى تلك التظاهرات،التي استؤنفت في بغداد وعدة محافظات عراقية ، حيث استمر المتظاهرين في تحدى الفساد الحكومي المستشري، والنخبة السياسية غير جديرة بالثقة، وانعدام الحقوق الأساسية وتزايد نفوذ القوى الإقليمية. ومن الجدير بالذكر أيضا أن جميع هؤلاء المحتجون كانوا مزيجًا من البغداديين والمواطنين من المحافظات الجنوبيةو.هتف المتظاهرون ورفعوا شعارات مناهضة للفساد وتدخل نظام الملالي في إيران ، قالت لجنة حقوق الإنسان في العراق إن 32 شخصاً قد قتلوا وجرح نحو 3000 في الفترة بين 25 و26 أكتوبر وهي في تصاعد سريع ومستمر نتيجة القمع الدموي ضد المتظاهرين السلميين.ومن الواضح أن تلك المثابرة من جانب المتظاهرين في مواجهة العنف المتصاعد تشير الى وجود فجوة متزايدة بين الحكومة والشعب، وهذا الشقاق مدفوع بالإحباط من الحكومة نفسها والقلق بشأن إعطاء الحكومة الأولوية لإيران وتفضيلها على المصالح العراقية.
ومنذ احتلال العراق في نيسان عام 2003، وحتى الآن، فشلت الحكومات المتعاقبة في تحقيق المطالب الأساسية للمواطنين، وتحقيق الرفاهية المتواضعة التي يطالب بها الشعب العراقي، وهو يعيش في بلد غني بالثروات والموارد، فرغم ثرواته الهائلة، فهو بلد يعاني الفقر وعدم الاستقرار الأمني وضعف البنية التحتية، وتراجع مستوى التعليم، والصحة وباقي القطاعات الحيوية الأخرى، الأمر الذي وسع من فجوة انعدام الثقة بين الشعب والسلطة الحاكمة، بعد الوعود التي قدمتها الحكومات منذ سنين ماضية. كل ذلك دفع المواطنين للخروج إلى الشارع في تظاهرات شعبية غاضبة لم تطالب فقط بتحسين الوضع الاقتصادي بل طالبت أيضا بإسقاط النظام.
التظاهرات والاحتجاجات وضعت الحكومة في حيرة من نفسها في كيفية التعامل معها، ومع غضب الجماهير المنتفضة ضد الفساد المستشري. نعم نتمنى ان تكون الشائعات المتسربة فيها بعض الحقائق ،لكننا نؤمن ان الحل لن يأتينا من خارج الحدود بل الحل يجب ان يكون من قبل الشعب العراقي.وهذه مهمة يجب ان يقودها اصحاب العقول والارادة الحرة من الذين يؤمنون بوطنهم وقدرة شعبهم.

جميع المقالات تعبر عن رأي كتابها ولا تمثل يورو تايمز

زر الذهاب إلى الأعلى