المهاجرون العرب على مقاعد الدراسة الإلزامية في السويد .. بين صعوبة اللغة والرغبة في الاندماج والعمل
المهاجرون العرب على مقاعد الدراسة الإلزامية في السويد
الطلبة : النظام الدراسي في السويد شامل وواسع ويصعب على المرء أستيعابه بسهولة
الهيئة التدريسية : اللغة حافز للمهاجرين للأندماج والأنخراط في المجتمع
يورو تايمز / سمير ناصر ديبس – مكتب يوتبوري
يعتبر التعليم في السويد من أهم وأبرز القضايا التي تشغل بال الحكومة ووزارة التربية والتعليم السويدية ، بل وتعطي جل وقتها وأموالها لتعليم الصغار والكبار طيلة فترة عمر المتلقي في كافة المراحل الدراسية التمهيدية والابتدائية والثانوية وحتى في الدراسات الجامعية ، فضلا عن توفير كل ما يحتاجه الطلبة من وسائل تعليمية وترفيهية ، وخلق الاجواء المناسبة لهم لتحقيق النجاح والتفوق ونيل الشهادات العليا ، حيث ان الطلبة في هذه المدارس تتوفر لديه فرصة تعليم العديد من اللغات الاخرى ومنها الانكليزية والاسبانية والفرنسية والالمانية بالاضافة الى السويدية ، فيما يحصلون بالتالي وبعد تخرجهم على المكانة المرموقة في المجتمع السويدي ، من خلال الاحتفاظ بأماكنهم المخصصة لهم في الدوائر والمؤسسات الحكومية السويدية والاستفادة من خبراتهم العالية.
التعليم الأجباري للمهاجرين
أما فيما يخص المهاجرين من كافة دول العالم عربا كانوا ام غيرعرب والذين يدخلون مملكة السويد ، فأن أول ما يصطدمون به هو حاجز ( تعليم اللغة السويدية ) الأجباري، والدخول فورا في مدارس تعليم الكبار ولمدة أربع سنوات متتالية ، وهذه المدارس تشمل كافة الاعمار والتي تبدأ من العشرين وحتى التسعين عاما ، يتلقون خلالها كافة وسائل التعليم التي تخص المهاجرين لتسهيل ما تتطلبه الحياة اليومية، ومنها تعليم اللغة السويدية شفيها وتحريريا ، والنطق السليم والكتابة الصحيحة ، وأن هذه المدارس تشمل الرجال والنساء على حد سواء من الخريجين في بلدانهم او حتى من الذين لم يكملوا دراستهم الابتدائية ، وقد يجد المتلقي في هذه المدارس النموذجية كافة وسائل الراحة من الصفوف الجميلة والمناضد والكراس المتحركة ووسائل الايضاح الممتعة ، فضلا عن تعيين الاساتذه الاكفاء الذين يتعاملون مع الطلبة بكل شفافية وانسانية ، وتوفير المأكولات والقهوة والشاي اثناء الاستراحة.
سبعون عاما ويحمل حقيبته المدرسية
( يورو تايمز ) كانت لها جولة في احدى مدارس تعليم الكبار في السويد والتقت عددا من الطلبة العرب الدارسين فيها من مختلف الاعمار والذين هم الان على مقاعد الدراسة لتلقي كافة الدروس العلمية والحياتية ، واستمعت منهم الى بعض الاراء التي تخص الدراسة والتعليم في هذه المدارس … فقد شاهدنا حالة قد تبدوغريبة بعض الشيء بالنسبة لنا نحن العرب ، حيث يتواجد رجلا عراقيا تجاوز السبعين من عمره ، يحمل حقيبته المدرسية المليئة بالدفاتر والكتب والقرطاسية ، ويتجه الى المدرسة مبكرا مع زملائة الطلبة العراقيين والعرب مشيا على الاقدام ، ليتعلم اللغة السويدية بهمة عالية واندفاع شديد ورغبة لا تصدق ، وحينما سألناه عن سبب هذه الهمة لمواصلة الدراسة وهو بهذا العمر المتقدم أجاب الطالب العراقي محمد عبد الكريم ابراهيم : مهما بلغ بي العمر الا انني متعطش ومتشوق لموضوع الدراسة والتعليم كوني كنت اعمل مهندساً في العراق واحلت على التقاعد بعد بلوغي السن القانونية. اما هنا في السويد فأن النظام الدراسي يكون شاملا وواسعا ويصعب على المرء استيعابه بسهولة وبصورة كاملة ، الا انه من السهل للذين يحملون الشهادات الدراسية مواكبة جميع المراحل وبتفوق ، ومع ذلك ورغم كوني متخرج من كلية الهندسة بجامعة بغداد ، الا انني اعاني من بعض الصعوبات في اللغة حيث لم استمع او اتحدث بها سابقا ، وتعتبر لغة جديدة علينا ، كما تخونني ذاكرتي بعض الاحيان ويسيطر علي النسيان لكبر سني، وقد أستعين بالقاموس الذي يترجم لي اللغة السويدية الى العربية ويكون هذا القاموس في جيبي على مدار الساعة ولا استطيع الاستغناء عنه ، مما يسهل علي تجاوز الصعوبات.
صعوبة اللفظ بالسويدية
اما الطالبة السورية علياء عبد الجبار والتي كانت تعمل ( معلمة ) في سوريا قالت : ان التعليم في السويد اشبه بالمعقد لصعوبة اللغة ، وعلى المرء يجب ان تتوفر لديه معلومات جيدة باللغتين السويدية والانكليزية على الاقل ، من اجل ان يتمكن من مواصلة الدراسة في السويد ، واضافت رغم عملي كمعلمة الا اني اجد بعض الصعوبات التي تواجهني وخصوصا في اللفظ ، حيث ان اللفظ يواجه عددا كبيرا من المهاجرين ، ونادرا ما نجد احد يجيد اللفظ بالشكل الصحيح ، واشارت الى انها ام لثلاثة اطفال ومن الصعب جدا السيطرة عليهم حيث تكون هي وزوجها في المدرسة لفترة طويلة ، وهنا يكون انشغالها عنهم لفترة طويلة ايضا ، وقالت ان المدرسة تعتبر الاهم لدى السويديين فلا مفر منها مهما بلغت الاسباب.
السلبيات والأيجابيات
من جانبه قال الطالب الفلسطيني محمد سعيد والذي كان يعمل في ( الاعمال الحرة ) في فلسطين ان الدراسة في السويد لها سلبياتها وايجابياتها ، ومن بين السلبيات تكون الدراسة اجبارية للجميع وكذلك تكون ساعات الدوام في المدرسة طويلة جدا ، وان الطالب الذي يتغيب عن الدوام ينقطع منه راتبه مما يؤثر على الحياة المعيشية هنا ، وقال اما الايجابيات فأن هناك نشاطات عديدة نتعرف عليها داخل المدرسة ومنها نشاطات ثقافية ورياضية وفنية وموسيقية ودورات بالكومبيوتر، مما يعطي المتلقي حافزا بالمشاركة في هذه الفعاليات لاسيما وان هذه الفعاليات تكون في لغة الام اي في اللغة العربية .
السويدية أقرب الى الانكليزية
الطالب العراقي عادل حسن علي الذي كان يعمل طبيباً في العراق اكد ان التعليم في المدارس السويدية شيئا ضروريا ، حيث يستطيع المغترب الاعتماد على نفسه في انجاز اعماله داخل السويد ، وان يقضي كل ما تتطلبه الحياة هنا بسهولة ويسر كونه متطلع على كل شيء من خلال الانخراط والاندماج في المجتمع السويدي ، وكذلك الاهتمام باللغة التي يجب على كل انسان ان يستوعبها من اجل حل المشاكل والمعوقات التي تصادفه ، واوضح كوني طبيب فأجد ان اللغة السويدية بسيطة وهي الاقرب الى اللغة الانكليزية ، مما جعلني ان احصل على درجات متميزة خلال فترة التعليم في المدرسة ، حيث اكملت دراستي في كافة المراحل وبتفوق ، وقال من جانب اخر سأنتقل قريبا الى احدى المستشفيات في مدينتي لتكملة الدراسة والتطبيق العملي والنظري فيها لأحصل على نفس تخصصي في الطب.
نسى الشيخوخة وأصبح شابا
من جانبه اشار الطالب العراقي علي فالح الذي كان يعمل ( ميكانيكي سيارات ) في العراق الى انه رجل كبير في السن ودخل الستين من العمر وانه يعاني جدا من موضوع الدراسة في المدرسة ويقول انا في هذا العمر لا استطيع مواصلة الدراسة كوني اعاني من بعض الامراض في جسمي ، كما اعاني من الآلام في الظهر والمفاصل ، ولكن هنا في السويد يقولون عني انك شاب والان بدأت حياتك ويجب عليك ان تتكيف معها لكي تعيش سعيد ومرتاح البال ، ويجب ان تمارس الرياضة لكي تبقى على حيويتك ونشاطك ، كما يقولون لي ان الزواج في السويد يبدأ بعمر الاربعين لكلا الجنسين فالمطلوب منك ان تنسى المرض وتواصل تعليمك ، واوضح حاولت هنا وبعد هذه النصيحة من قبل المعلمين والزملاء الطلبة ان اعيد نشاطي وانسى مرضي واخذت امارس رياضة المشي يوميا وكذلك الاهتمام بالدروس من خلال الاعتماد على بعض الاصدقاء في موضوع الترجمة ، اضافة الى متابعة برامج التلفزيون السويدي الذي ساعدني كثيرا في موضوع سلامة اللفظ وامكانية الحديث مع الاخرين بشكل سليم ، وهذا كله جعلني ان انسى الشيخوخة واصبحت شابا وحققت النجاح في الدروس التي نتلقاها في المدرسة وكذلك في الحياة العامة.
فن مادة الرسم
بعد ان تعرفنا على اراء عددا من الطلبة العراقيين في مدارس تعليم الكبار في السويد ، شاركتنا الحديث ممثلة الهيئة التدريسية في المدرسة المعلمة ( ماريا روبرت ) اختصاص مادة فن الرسم قائلة : بعد تدريسي لمجموعة كبيرة من الطلبة العراقيين والعرب الوافدين الى السويد تعرفت على مواهبهم وامكانياتهم الذاتية في فن الرسم التلقائي ، وقد اكتشفت العديد من المواهب الجميلة في الخط والرسم والنحت والانواع الاخرى من الفنون الجميلة ، وان هؤلاء الطلبة ومن خلال مواظبتهم في المدرسة سيتعلمون اللغة السويدية التي ستكون حافزا لهم للآنخراط والاندماج في المجتمع السويدي ، واوضحت اما مادة الرسم بالزيت فأن هذا النوع من الفن يمنح الامل لدى الانسان كما يمنحه الدفء وحب الحياة ، اضافة الى انه يجدد فيه التفاؤل والعطاء والابداع ، وقالت يتم تخصيص ساعة كاملة يوميا لتعليم الطلبة هذا الفن الجميل وكيفية خلط الالوان الزيتية بالفرشاة ورسم اللوحات ، وعمل المزهريات الكبيرة من قبل الطلبة التي تزدان بالورود الصناعية ، مشيرة الى ان الطلبة لهم الحرية في اختيار المواضيع التي يرسمونها ، حيث البعض منهم يرسم الاعلام العربية والعلم السويدي والبعض الاخر يرسم المنظر الطبيعي ، واكدت ان هذه الرسوم المتميزة منحت الارتياح والاعجاب لدى ادارة المدرسة .
الحقوق محفوظة لصحيفة يورو تايمز