تدوينات مختارة

ناظم السعدي : أرق منتصف الليل

هذا الأرق الذي يرافقني صار يحتل رأسي كليا وبات يزحف لأناملي تدريجيا يحمل كل بصماتها ويرميها في دياجير العتمة.أفكرالان بتأسيس حزب خرافي أخر يحتل الفيسبوك اسمه المؤرقين في الارض ليسهر الجميع معي نردد بطقوس الغباء التقليدية أغاني الهذيان ..

كالعادة حاولت أن أشغل نفسي، تجولت لم أسمع غير صوت أم كلثوم يتردد في أرجاء المكان .. قلت لهم اصدقائي انه الاربعاء وصباح الخميس وأنا تعودت سماع السيدة  في سهرة الخميس عندما كان الوطن يعرف عطلة اسبوعية واحدة

هي الجمعة التي لا أعرف هل فعلا ما زالت مباركة كما كانت في زمن النقاء حيث القناعة والسلام  الأنساني …    

حيث كان قدر طعامنا يحتوي  بأترف حالاته على نص ربع لحم ومسحة دهن وملعقتان من معجون الطماطة مع البصل وقد كان كافيا رغم فقره نجتمع  حوله جميعا فتشبع عشرة بطون من أنفاس أمي قبل زادها  . نصعد بعدها ونسهر نستمع لام كلثوم بطقوس خالدة في الذاكرة نرش السطح الترابي بالماء لنستمتع بعطره مع نفحات النسيم القادمة مع أهات السيدة  .. أه..  كم كنت أسرح واحلم وأتحسر معها  

وانا افكر بحبيبتي التي تنتظرني كل صباح بجدائل المدرسة في الشارع العام حيث كان اقصى حلمي ان اعمل بوظيفة واحصل على قطعة أرض وأبنيها واعيش معها .. كانت الغربة بعيدة عن أحلامي حتى حين أخبرت والدي رحمه الله اني ساعمل بحارا وأتجول في دول العالم ربما كنت حينها متاثرا بفلم يسرى  ومصطفى فهمي ويا سلام على الحب وبدلته الأنيقة .. وروحي فيك ..

ذهبنا بعيدا باحلامنا واخذتنا الدنيا فيما بعد الى المنافي

مفارقة مضحكة مبكية تذكرتها الان .. كنت اصبغ مملكتي بألوان شاعرية رغم صغر مساحتها التي لم تكن سوى مترا بمتر تقريبا تحت السلم الخشبي لبيتنا البسيط   ..اسكنها وحدي وأومن بها وطن حقيقي

وكم شاكست واختفيت فيها وكم .. حتى تم ازالتها ونحن نعمر بيتنا .. بكيت حينها كثيرا حاول أخي ان يقنعني.. بالمستقبل ستكون لك غرفة كاملة مستقلة أكبر .. لاتقلق

لم أقتنع ربما لاني منذ طفولتي كرهت الوطن البديل او لاني احببت لون طلاء الحائط او خوفي من ضياع أمتاري بوعود مثل بلفور وغيرها

هذا الهذيان سيفوز في الانتخابات القادمة وينافس وزير خارجيتنا الشفاف جدا .. فكونوا معي بحزب الارق الجديد والدعوة عامة للحفاة والنازحين ولا الضالين !!!!

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى