آراء

د. حسن السوداني : أحزاب المهاجرين!!

مع اقتراب موعد الانتخابات السويدية  تنبه بعض المهاجرين ان الزمن قد فاتهم ولابد من اللحاق به!! فظهرت على سطح التداولات الفيسبوكية دعوات لتأسيس أحزاب ذات ماركة مهاجرة وما ان انطلقت تلك الدعوات حتى بادر الكثير ممن لا يقتنع بسويديته للمباركة والتهليل والتصفيق ووصف تلك الدعوات بالمهمة والفعالة !! 

وبما اننا نعيش في بيئة ديمقراطية فمن حق اي فرد فيها ان يعبر عن رأيه ويؤسس إلى تجمعه بسهولة تقترب من شرب قدح ماء بارد !! غير ان العرس ليس مجرد تهليل وتصفيق ومطرب يردد أهزوجة " زوجناه وخلصنا منه" فهو تأسيس لحياة وبداية لمعاناة يعقبها ولادات وخسارة وأعباء مهولة!! حتما الذين شاركوا في التصفيق والتهليل لن يكونوا حاضرين في تلك الأوقات العصيبة ومن يصمد في تلك المحن هو من تدرب على اجتيازها وذاق علقم  الصبر أما الفاشلون فسيتركون الساحة الحزبية بأسرع مما دخلوها, ويذكرني هؤلاء  بهبة تأسيس الجمعيات لدى المهاجرين أيضا فاغلب من يؤسسها يبحث عن عنوان يخاطب به وسيناله بسرعة البرق ب(رئيس الجمعية الفلانية للثقافة والإعلام والحمص بطحينة) ويزداد لدينا بحمد الله عدد الرؤساء او الرئيسات !! وعليك ان تحجز له او لها مقعدا في الصف الأول من الحفلة ولا غضاضة في ان يكون الرجل ذو تاريخ (مشرف) ام لا فلا باس ان كان مهربا او مزورا او حشاشا او حتى داعرا !!! فكل تلك الخبرات ستكون مفيدة مستقبلا في رسم سياسات الحزب او الجمعية وتحالفاتها المستقبلية!! 

غير ان السؤال الذي لا يطرحه المصفقون دوما عن جدوى تأسيس الأحزاب في السويد وكيف تواجه حزبا له خبرة حكم دولة متقدمة مثل هذه الدولة  لأكثر من مئة عام وتعدت تلك الخبرات السويد الى العالم كله؟ وكيف ستواجه مجتمعا أسس لأهم جائزة أدبية في العالم؟ وكيف ستقنع المزارع السويدي الذي انتخب العنصريين في أخر جولات الانتخابات بأنك بارع أيضا في زراعة الخس والطماطم؟ وكيف ستقنع المهاجر بان يسمح لابنته ان تتمدد على سريرها برفقة  زميلها في المدرسة وان تدس الواقي الذكري في يدها متوسلا ان يستخدمه الزميل الموقر؟ وكيف ستجيب على أسئلة مارتن ستريد بأنك غير مكتمل النشوء؟ وكيف ستقنع أئمة المسلمين هنا بان الصوم لأكثر من 22 ساعة لا يقره عقل سليم فكيف يقره الرب؟ وكيف ستقنع يوهانسون ان يختار قدري بن كرومي  بدلا من يوكيم أندرسون للوظيفة ؟ 

ماهو مشروعك لتقليص البطالة وما هو رأيك في التعليم وكيف ستطور الاقتصاد السويدي وكيف ستواجه تنامي العنصرية؟ من هم أعضاء قيادتك وما هي خبراتهم السياسية؟ وهل تريد القول انك سويدي مهاجر ام عربي يطمح ان يكون سويدي ام انك سويدي فعلا تعيش وتعمل وتلتزم بالقانون  وغير مشمول بإثم الاريسيين !! وقبل كل هذا وذاك هل لديك قدرة للاستماع والفهم والاستيعاب وتقبل النصيحة او النقد وتملك حظا من الادب وغير  بارع بالشتائم الجاهزة واتهام كل من يعارضوك  بانهم متآمرون يضعون الدبابيس في مؤخرة عجلتك  المثقوبة أصلا!!! وهل سمعت بالمثل ( اليدري يدري والمايدري يقول عدس!!

 

*أكاديمي عراقي مقيم في السويد

زر الذهاب إلى الأعلى