هنا اوروبا

استئناف محاكمة المتهمين بقتل سائحتين اسكندينافيتين في المغرب

تستأنف اليوم الخميس بالقرب من الرباط محاكمة المتهمين بقتل سائحتين اسكندينافيتين في جنوب المغرب، في قضية أثارت صدمة كبرى في المملكة، وقد تصدر أحكام بالإعدام على ثلاثة منهم فيها.

ويمثل في المجموع 24 متهماً أمام غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بسلا، المدينة التي يفصلها نهر أبي رقراق عن العاصمة الرباط. ويواجهون اتهامات خطيرة بينها "تشكيل خلية إرهابية" و"القتل العمد" و"الإشادة بالإرهاب".

ويفترض أن تشهد جلسة الخميس مناقشة التفاصيل الشكلية والطلبات الأولية للدفاع، بحسب صحافي متخصص يتابع القضية.

وأوضح لوكالة فرانس برس أنه "بالنظر لحجم ملف الاتهام المكون من مئات الصفحات وعدد المتهمين ينتظر أن تستغرق المحاكمة عدة أشهر".

ويتزامن استئناف المحاكمة في ثاني جلساتها الخميس مع ذكرى هجمات متطرفين انتحاريين يتحدرون من حي عشوائي في الدار البيضاء في 16 مايو (أيار) 2003، واستهدفت عدة مواقع في هذه المدينة وأودت بحياة 33 شخصاً.

وسببت الهجمات التي كانت الأعنف صدمة قوية في المغرب، كما سبب قتل السائحتين الاسكندنافيتين منتصف ديسمبر(كانون الأول) الماضي، استياء شديداً.

وعثر على جثتي الطالبتين الدنماركية لويزا فيسترغر يسبرسن والنرويجية مارين أولاند في منطقة معزولة بجبال الأطلس الكبير في منطقة مراكش، التي يقصدها هواة رياضة المشي والتجول في الجبال.

ويتهم المشتبه بهم الرئيسيون بذبح الضحيتين وقطع رأسيهما، ويواجهون عقوبات يمكن أن تصل إلى الإعدام.

وقال خالد الفتاوي محامي عائلة الطالبة الدنماركية لوكالة فرانس برس: "نريد أن نفهم أولاً قبل أن نتقدم بأي طلبات لجبر الضرر، ولو أن لا شيء يمكنه جبر ضرر العائلات".

ويعتزم محامي العائلة التي نصبت نفسها طرفاً مدنياً في هذه المحاكمة المطالبة بالإعدام للقتلة "ولو أن البلدين اللذان تتحدر منهما الضحيتان يعارضان مبدئياً تطبيق هذه العقوبة"، على حد تعبيره.

ولايزال القضاء المغربي يصدر أحكاماً بالإعدام لكن تطبيقها معلق عملي منذ 1993، ويثير إلغاؤها نقاشاً في البلد

يواجه ثلاثة متهمين رئيسيين هذه العقوبة للاشتباه في أنهم نفذوا الذبح بحسب محضر الاتهام، وهم عبد الصمد الجود 25 عاماً، ويونس أوزياد 27 عاماً، ورشيد أفاطي، 33 عاماً.

وظهر الجود مبتسماً في الصف الأول للمتهمين داخل قاعة المحكمة خلال الجلسة الأولى للمحاكمة في 2 مايو (أيار)، بجانب رفيقيه الآخرين. 

وكان هذا البائع الجوال الملقب بـ"أبو مصعب" أدين من قبل لمحاولته الالتحاق بتنظيم داعش في سوريا.

وهناك متهم رابع هو عبد الرحيم خيالي 33 عاماً، رافقهم باتجاه موقع الجريمة. لكنه عاد إلى مراكش قبيل تنفيذها بحثاً عن مخبأ، بحسب محضر الاتهام.

وأثار بث تسجيل فيديو يوثق ذبح الضحيتين في مواقع التواصل الاجتماعي ذعراً وصدمة ويشتبه في أن مصوره من بين القتلة. 

ويظهر أحد رفاق الأخير في الفيديو متحدثاً عن "أعداء الله" وعن "الثأر لإخوان" في سوريا.

وظهر المتهمون الأربعة في فيديو آخر بث إثر ذلك وهم يعلنون مبايعتهم لزعيم تنظيم داعش أبو بكر البغدادي، وفي خلفية المشهد راية التنظيم المتطرف.

ويتحدر المتهمون وجميعهم أرباب أسر، من أوساط فقيرة بمستويات دراسية "جد متدنية" حسب المحققين. وكانوا يمارسون "مهناً بسيطة" في أحياء بائسة بمراكش وضاحيتها.

وأوقفوا غداة الجريمة بينما كانوا يسعون لمغادرة المدينة عبر حافلة لنقل المسافرين، وكانت آثار دماء بادية على السكاكين التي حجزت معهم.

يقول المحققون إن هذه "الخلية الإرهابية" استوحت العملية من إيديولوجيا تنظيم داعش لكنها لم تتواصل مع كوادر الجماعة المتطرفة في العراق وسوريا. ولم يعلن التنظيم من جهته مسؤوليته عن الجريمة.

ويفيد محضر الاتهام أن المتهمين الرئيسيين توجهوا نحو جبال الأطلس في 12 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، عاقدين العزم على "اغتيال سياح" أجانب. 

وترصدوا عدة ضحايا محتملين لكنهم لم يبادروا لإيذائهم، لوجود مرشدين سياحيين أو سكان من المنطقة.

وليل 16 إلى 17 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ترصد عبد الصمد الجود، ويونس أوزياد، ورشيد أفاط،ي الضحيتين الاسكندنافيتين اللتين كانت تنصبان خيمة في منطقة معزولة بموقع الجريمة. وتولى الأولان اغتيالهما، بينما تكفل الثالث بالتصوير بهاتف محمول.

وإلى جانب المتهمين الرئيسيين الأربعة يمثل عشرون مشتبهاً بهم آخرون تتراوح أعمارهم بين 20 و51 عاماً، أوقفوا في مراكش ومدن أخرى لصلاتهم بالقتلة المفترضين. ويشتبه في انتمائهم إلى الخلية التي أسسها عبد الصمد الجود، بحسب المحققين.

وهم متهمون بالتخطيط لهجمات في المغرب، والسعي للقتال تحت راية تنظيم داعش في العراق وسوريا، إضافةً إلى بث "فيديوهات دعائية" لإرهابيين عبر تطبيقي واتساب وتيلغرام.

وبين هؤلاء المتهمين أجنبي واحد هو إسباني سويسري اعتنق الإسلام يدعى كيفن زولر غويرفوس 25 عاماً، ولقبه عبد الله أو يحيى وهو "متشبع بالفكر المتطرف والعنيف" بحسب محضر الاتهام.

ويشتبه بتورطه "في تلقين بعض الموقوفين في هذه القضية آليات التواصل المشفر، وتدريبهم على الرماية"، والمساعدة على تجنيد آخرين، بحسب المحققين. لكنه دفع ببراءته أمام قاضي التحقيق.

وينوب عن معظم المتهمين محامون عينتهم المحكمة في إطار المساعدة القضائية.
 

زر الذهاب إلى الأعلى