آراء

د. حسن السوداني : أهـلاً أندش!

صديقي الذي ولد في إحدى محافظات الوسط يعتز أيما اعتزاز بمدينته وناسه وأفراد قبيلته وطالما تباهى بهم في معرض حديثنا عن تلك المواضي في لقاءاتنا الملتحفة ببرد السويد وظلمة النهار المبكرة!! قبل أيام كنت اصطحب زوجتي لتهنئته بالمولود الجديد .. جلسنا ودارت كؤوس الشاي المهيل والمعجنات العراقية التي تبرع زوجته في صناعتها! وبدا الحديث:

هاخوية شراح تسمون المحروس بالخير؟

انتبه صاحبي للسؤال وبدا محرجا كثيرا بينما همت زوجته بالجواب: هل تريد شايا آخر؟

ضحكت بصوت عال وقلت له : لازم راح تسميه أدريان؟

تفاجأ صاحبي ونظر إلى زوجته ثم اتجها سوية لي بدهشة وأجابا بصوت واحد : وما أدراك؟

مشكلة صاحبي وزوجته هي ليست مشكلة خاصة بل تشمل معظم العرب في بلاد الثلج فهم يفكرون بمستقبل أبنائهم عندما يكبرون وسط تنامي العنصرية في هذه البلاد وكذلك بسبب تنامي العنصرية في بلادهم أيضا !! فبلاد العرب (أوطاني) لم تعد كذلك فالأغلب الأعم هناك ينظر أليك بعيون أخرى فأنت لم تعد أنت!! ولا هم بقوا هم!! 

الأمر لا يخص المواليد الجدد بل يتعداهم للشباب العربي هنا فغالبا ما يصادفك موظف شاب بملامح عربية وأسماء سويدية… أهلا الفريد!.. أهلا اندش..! وبعد مرور دقائق تكتشف ان (الفريد) اسم مزيف( لزيد) وان اندش اسم مزيف( لعمر) وتزداد الدهشة أكثر عندما تعرف أن الكثير من شبابنا الذي ولدوا هنا في السويد ومنحهم أهليهم أسماء عربية يسارعون لتغيرها عند بلوغهم كي يحصلوا على فرصة عمل مناسبة بعد ان حرمتهم أسمائهم العربية من تلك الفرص.

العنصرية وحش كامن داخل أصحابها من الأوربيين أو العرب فهو لا يعضوك ليسيل دمك بل يقطع عنك خبزك ويتفرج على جوعك.. كي تقبل أسنانهم في النهاية وهي تعضك!!!

 
 
كاتب وأكاديمي عراقي / السويد
زر الذهاب إلى الأعلى