هنا اوروبا

فرنسا تستبعد الأئمة الأتراك من مساجدها

منذ الأحداث الإرهابية الكبرى التي وقعت في العاصمة الفرنسية في نوفمبر (تشرين الثاني) 2015، تضاعفت رغبة الحكومة للسيطرة على تمويل وتوجّهات وإدارة المساجد على أراضيها، والعمل على إبعاد المُتشدّدين والمُتبرعين من أصحاب الأجندات الخفية، الذين يُغذّون الفكر المُتطرف من مبدأ التمويل مقابل التأييد والتنفيذ.

وكما هو معروف، فإنّ القانون الفرنسي العلماني، يمنع أي دعم مالي حكومي للمؤسسات الدينية كافة، ولكنه يسمح للبلديات المحلية بمنح الأراضي لإنشاء أماكن العبادة.

وليس بخافٍ أنّ عدداً كبيراً من مُقاتلي داعش في كلّ من سوريا والعراق، فرنسيون من أصول مُختلفة، وتُطالب باريس اليوم بمحاكمة من اعتُقل منهم في مدينة الرقة من قبل قوات سوريا الديمقراطية، مُبدية رافضةً مبدأ عودتهم إلى فرنسا.

إسلام معتدل
منذ عقود، تبحث الحكومات الفرنسية المُتعاقبة، عن آليات لتأهيل مُتخصصين في الإسلام المُعتدل في فرنسا، مع ضمان تلبيتهم لمُتطلبات الاندماج في المُجتمع الفرنسي، مثل إتقان للغة الفرنسية، والحرص على التنوع الثقافي، واحترام تراث وتاريخ وقانون البلاد، والحفاظ على مبادئ وقيم الجمهورية والعلمانية.

وفي هذا السياق أصبحت فرنسا، الدولة الأولى في أوروبا بعدد المسلمين على أراضيها، ترفض توظيف الأئمة الأتراك، في مساجدها فضلاً عن  إغلاق بعض المساجد المُتهمة بنشر الفكر المُتطرف، من أصل ما يزيد عن 2200 مسجداً منتشراً في فرنسا، يُمارس فيها المسلمون حريتهم الدينية بشكل كامل. 

وتجدر الإشارة إلى أن فرنسا سمحت أيضاً في عدد من المناسبات بتحويل كنائس مُغلقة إلى مساجد لخدمة الجالية المسلمة. 

وفي الآونة الأخيرة استبعد قصر الإليزيه عدداً من المسؤولين الإسلاميين، من مراسم رسمية مثل تبادل التهاني بمناسبة العام الجديد 2018 مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، من أبرزهم رئيس مسجد باريس الكبير، دليل أبوبكر، الذي أعلن لاحقاً انسحابه من جميع لجان المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، احتجاجاً على تجاهله.  

أما رئيس المجلس الإسلامي الفرنسي، التركي أحمد أوغراش، فكشف أنّ فرنسا خفضت عدد الأئمة القادمين من تركيا بمعدل 5 موظفين سنوياً، دون تعويض الشواغر،ما يؤثر حسب قوله على "الخدمات الدينية للجالية التركية والمسلمة".

وكشف أوغراش أنّه تعرض للمشكلة في لقائه بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان، خلال الزيارة الرسمية التي أداها الأخير إلى باريس يناير (كانون الثاني) 2018.

وذكر أنّ أردوغان تباحث مع إيمانويل ماكرون حول رفض توظيف الأئمة الأتراك، وطالبه كذلك بالتعاون في إعادة افتتاح كلية الشريعة بجامعة سترازبورغ، التابعة لكلية الشريعة بجامعة إسطنبول، التي افتتحت في 2012 للعمل على تخريج موظفين دينيين مؤهلين، قبل إغلاقها بعد ذلك بوقت قصير.

ويُذكر تركيا وفرنسا، وقعتا في 2010 إعلان نوايا بخصوص رفع عدد الموظفين الدينيين الأتراك في فرنسا، من 121 إلى 151 موظفا، لكن فرنسا قلصت فعلياً عدد الأئمة الأتراك، وهو ما حصل بالفعل مع مطلع العام 2018.
 

 
24
زر الذهاب إلى الأعلى