آراء

نزار العوصجي: تلك هي امريكا

بدءاً نسلط الضوء على بعض الجوانب من تأريخ امريكا ، منذ ان كانت منفى لعتاة المجرمين الخارجين عن القانون ، الذين يتم نفيهم خارج اوربا ، من الذين يشكلون خطراً على مجتمعاتهم ، ثم اصبحت بعد ذلك ملاذاً للباحثين عن الثراء الغير مشروع ، من خلال امتلاك العبيد السود وتشغيلهم مقابل اطعامهم ، لتصبح لاحقاً قبلة الفقراء الباحثين عن فرص للعمل ، لذا فان غالبية الامريكان هم من المهاجرين الذين جاؤا من مختلف بقاع الارض ، بحثاً عن الحرية المزعومة ، ( ماعدا الهنود الحمر السكان الاصليين ) وهم أقلية في الوقت الحاضر ..

يبدأ تأريخ الولايات المتحدة الامريكية في عام 1783 بعد حرب الاستقلال ، لتخرج بعدها تلك الثورة برقعة جغرافية صغيرة قوامها 13 ولاية ، وقوة بشرية لا تزيد عن أربعة ملايين نسمة ، شكلت النواة التي تنامت بسرعة هائلة ، لتصبح أكبر قوة في العالم واغناها خلال 180 عاماً ، وقد استطاعت الاحتفاظ بتفوقها وقوتها خلال الخمسين عاماً الماضية ..
انطلقت الولايات المتحدة من نواتها باتجاه المحيط الهادئ على حساب السكان الاصليين من الهنود الحمر ، واشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 ، واستولت على فلوريدا من اسبانيا عام 1819 ، وضمت تكساس من المكسيك عام 1848 ، واستطاعت خلال فترة زمنية قصيرة التحول من دولة صغيرة على سواحل المحيط الأطلسي إلى ( قارة ) ، تسيطر على المحيطين الأطلسي والهادئ ، وبدأت اتحاداً كونفيدرالي قبل أن تتحول إلى فيدرالي ، وربما كانت سكك الحديد من أهم العوامل المساعدة في ربط أجزاءها ، إضافة إلى بساطة التركيب الجغرافي الذي ساعد على قيام ونجاح هذه الدولة المتسعة ، وعلى هذا فإن الحدود الحالية للولايات المتحدة الأمريكية قد تشكلت واستقرت قبل إقل من 240 سنة فقط ..

رغم أن عمر الولايات المتحدة الأمريكية يقارب 250 سنة ، الا أنها قد قضت 222 سنة ، بما يعني 93% من عمرها ، في شن الحروب على دول العالم وأحتلالها ..
أكثر من 90 حرباً وعدواناً ، معظمها جرائم حرب لا اخلاقية ، بضمنها حرب ثلاثينية شعواء شنتها ادارة المجرم بوش الاب على العراق ، اعقبها غزو همجي لانضير له في التأريخ ، شنته ادارة المجرم بوش الابن ، استخدمت فيه اقصى درجات القوة المفرطة ، بما فيها الأسلحة المحرمة دولياً ، الى جانب حالة الفوضى التي سعت وعمدت الى اشاعتها ، وما رافقها من اعمال العنف الميليشياوي وعمليات الخطف المبرمج والاختفاء القسري ، مما يدل على أنها أحط وأشرس منظومة سياسية وحضارية قامت عبر التاريخ ..

في الجانب الأخر ومن خلال متابعة الوضع العام للداخل الإمريكي ، نجد الكم الهائل من الكراهية التي يظمرها الامريكي الأبيض ، للأمريكي الأسود ، من ذوي البشرة السمراء ومن أصول أفريقية ، تلك الكراهية التي مازالت مترسخة فيهم لا سيما الجنوبيين ، منذ ان دخل الرجل الابيض و وطأت قدماه ارض امريكا ..
هذه الكراهية تفاقمت اكثر فاكثر لتشمل الجنس الاصفر ، القادم من جنوب شرق اسيا ، مثل الصين وفيتنام وكمبوديا ، الى جانب الكراهية المفرطة تجاه المهاجرين القادمين من المكسيك وكوبا والدول اللاتينية ، اذ يعبر المهاجرين الجدد من جميع الجنسيات ، عن غضبهم من الأداراة الامريكية ، التي تعرقل وتتمادى في توطينهم بشكل رسمي ..
لم تتوقف مؤشرات الكراهية عند هذا الحد فقط ، بل انها بدت إشمل واوسع بكثير ، لتطال الساسة الإمريكان انفسهم ، فنزعة الكراهية والحقد القائمة بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري ، ومحاولات التشويه والتشهير والتسقيط المستمرة لغرض الاطاحة ببعضهما ، قائمة على قدم وساق ، من هنا نستطيع الحكم على حقيقة مايجري في كواليس الأدارة الإمريكية ، وما يضمره ساستها من حقد وكراهية لبعضهم البعض ، وللعالم اجمع ، وللجنس البشري عموماً ، الأمر الذي يدعوا الى التصور بان هذه الكراهية قد تكون القشة التي يمكن ان تقصم ظهر البعير ..

لذا وجب القول لساسة إمريكا : ان الغل الذي تكتنزوه في صدوركم تجاه دول العالم لم يأتي من فراغ ، ذلك لأنكم لم تكونوا يوماً جزءاً من الحضارة ، بمعنى ادق انكم لا تمتلكون حضارة ، فقبل ان تعلموا الأخرين معنى الأخلاق ، عليكم ان تعتذروا عن مافعلتموه بالعراق ، ودول العالم الاخرى ..
ان عمليات السلب والنهب التي جرت ابان الاحتلال ، قد برأت العراقيين من دم يوسف ، اذ ان ما حدث في العراق بعد الغزو والأحتلال في 2003/4/9 ، كان نتيجة لغياب الدولة ومؤسساتها الامنية ، التي حلت بقرار من سلطة الحاكم المدني الإمريكي بول بريمر ، بمباركة من اسياده في البيت الابيض ، بالأضافة إلى الدور الذي لعبته قوات الغزو الباغية عن قصد ، بالتنسق مع مخابرات دول مجاورة ، لغرض إيذاء العراق وشعبه ..

السؤال الذي يطرح نفسه : ماذا قدم الساسة الإمريكان للعالم ، وهل يعقل ان تكون سياسة العدوان والكراهية كفيلة بأنهاء إمريكا ؟؟؟

جميع المقالات تعبر عن رأي كتابها ولا تمثل يورو تايمز

زر الذهاب إلى الأعلى