هنا اوروبا

ما مدى سهولة حصول الطلاب الدوليين على وظيفة في سويسرا؟

كما هو الحال في الولايات المتحدة أو المملكة المتحدة، تحظر قوانين الهجرة السويسرية على الخريجين غيرالأوروبيين ممارسة حياة مهنية في البلاد. ومع ذلك، فالتطورات الأخيرة التي شهدتها البلاد، أصبحت تعطيهم فرصة للحصول على عمل.

يوفّر قانون سنته سويسرا في عام 2011 للمواطنين الأجانب الذين يحملون شهادة جامعية من إحدى الجامعات السويسرية ويرغبون في الحصول على عمل في بلاد جبال الألب بعض المساعدة. فقد أتاح لهم تعديل القانون المتعلّق بالمواطنين الأجانب، والذي دخل حيّز التنفيذ، فرصة البقاء في البلاد والبحث عن وظيفة، وذلك خلال مدة تمتدّ ستة أشهر بعد إنهاء دراستهم. ويضع القانون هؤلاء الخريجين على قدم المساواة مع نظرائهم السويسريين عند التقدم للحصول على وظيفة " ذات اهمية اكاميمية او اقتصادية عالية ". 

وخلال فترة الستة أشهر هذه، يمكن للخريجين أن يعملوا لمدة لا تزيد عن 15 ساعة أسبوعيّاً، شرط أن يثبتوا أن لديهم مساكن وموارد مالية كافية. ولا تشمل مدة الستة أشهر القصوى هذه، لإيجاد وظيفة، مواطني الاتحاد الأوروبي/ ومواطني دول الرابطة الأوروبية للتبادل التجاري الحر، الذين يستفيدون من حرية التنقل بموجب الاتفاقات الثنائية بين الدول. 

وفي المملكة المتحدة أيضاً، تقيّد قوانين الهجرة الطلاب الدوليين. فبين عامي 2008 و2012، كان من الممكن للطلاب من خارج المملكة المتحدة/ والاتحاد الأوروبي البقاء في المملكة المتحدة لمدة تصل إلى عامين بعد التخرج دون الحاجة بالضرورة إلى الحصول على عمل. إلا أن القوانين تغيّرت منذ ذلك الحين، وبات بإمكان الطلاب الدوليين العمل بدوام كامل بعد إنهاء فصلهم الدراسي الأخير (على تأشيرة الطلاب من فئة Tier4 visa ولمدّة لا تتعدّى مدة صلاحية التأشيرة، والتي عادة ما تصل إلى أربعة أشهر فقط. 

وقد أدّت فترة السماح المحدودة للعمل في المملكة المتحدة، إلى تعقيد أمور الطلاب الدوليين أكثر، في سعيهم للحصول على عمل بعد التخرّج. وبالرغم من ذلك، لا يزال من الممكن إيجاد عمل، حتى ولو كان التخطيط المسبق لذلك أمراً ضرورياً. 

أما بالنسبة للطلاب الدوليين الدارسين في الولايات المتحدة، فعلى الأغلب أن إجراءات الهجرة أيضاً، هي واحدة من أكبر المشكلات التي تعيق فرص العمل. ويؤثر ذلك على تفكير بعض الطلاب فيما إذا كانت الدراسة هناك تستحق العناء فعلاً. وقد  اشار احد التقارير  إلى وجود انخفاض بنسبة 21 % في عدد المسجّلين من الهند في علوم الكمبيوتر والهندسة في مستوى الدراسات العليا،  وربما يرجع ذالك الى المخاوف   من موقف إدارة ترامب بشأن الهجرة، وإمكانية الحصول على التأشيرات. وقد ترددت اصداء هذه المخاوف من قبل بعض ادارات الكليات . 

ويبقى حصول الطلاب الدارسين في الولايات المتحدة على عمل، تحديًا كبيرًا. 

لقد  تناولنا موضوع العمل بدوام جزئي أثناء الدراسة، والقيود المفروضة على الخريجين الجدد. فالعديد من الطلاب  ، وخاصةً أولئك القادمين من الهند والصين، يعملون   في الولايات المتحدة من خلال برنامج تدريب فدرالي:   . ويمنح هذا البرنامج الطالب فترة 12 شهراً من التدريب بعد الحصول على درجة علمية، ويمكن تمديد هذه الفترة إلى 24 شهراً إضافياً للخريجين في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (مجالات STEM).  وتظهر دراسة تحليلية أن ثلاثة أرباع طلبة OPT هم من آسيا، و30 % منهم من الهند. إلا أن OPT ليس إلا مجرد برنامج تدريبي، وهناك تقارير سابقة أشارت إلى الأجور المنخفضة وساعات العمل الطويلة فيه، على اعتبار أن هذا البرنامج لا يعتبر عملاً في حد ذاته. 

الحصول على عمل

 في حين أن عدد الخريجين القادمين من خارج أوروبا، الذين ينتهي بهم المطاف إلى البقاء في سويسرا للبحث عن عمل، غير معروف، إلا أن تقديرات السلطات تشير إلى منح ما يقرب من 150 إلى 200 تصريح عمل كل عام لمثل هؤلاء المتقدمين. في عام 2017، اصدرت السلطات تصاريح عمل  لرعايا الدول الثالثة (أي من خارج الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي أو دول الرابطة الأوروبية للتبادل التجاري الحر)، أغلبها في قطاعات تكنولوجيا المعلومات وصناعات الأدوية. 

تعتبر الأنظمة المتعلقة بكيفية حصول رعايا الدول الثالثة على تصريح للعمل، أكثر تشدداً مقارنة بتلك المتعلقة بمعظم الأوروبيين، وغالباً ما ترتبط مباشرة بطبيعة العمل. إن الحصول على عرض عمل ليس إلا خطوة واحدة، من مجموعة خطوات ترمي إلى الحصول على تصريح للعمل. ولا يمكن لمواطن دولة ثالثة أن يحصل على وظيفة في سويسرا إلا إذا كان لا يمكن إيجاد البديل من داخل سوق العمل السويسري أو من دولة من دول الاتحاد الأوروبي/ أو من دول الرابطة الأوروبية للتبادل التجاري الحر. وفي هذه الحالة، يتوجّب على أرباب العمل إظهار أنهم قاموا "بجهود حثيثة" لإيجاد مواطن سويسري أو مواطن من دول الاتحاد الأوروبي/ أو دول الرابطة الأوروبية للتبادل التجاري الحر، أو أي مواطن أجنبي مقيم في سويسرا ولديه تصريح عمل. علاوة على ذلك، يجب على أرباب العمل أن يبرهنوا أن أولئك الذين تقدموا بالطلبات ممن لهم الأولوية في العمل لم يكونوا مؤهلين لشغل الوظيفة المطلوبة. 

ومن بين المرشّحين الذين يتمتعون بحظوظ أكبر في الحصول على تصريح للعمل، المدراء والمتخصصون وغيرهم من الأشخاص المؤهلين تأهيلاً عالياً، أي أولئك الذين يحملون شهادات جامعية وخبرات مهنية. وقد يطلب من هؤلاء المرشّحين معرفة واحدة من اللغات الرسمية (الألمانية والفرنسية والإيطالية). 

ويمكن للقيّمين على المشاريع المشتركة، أو المهتميّن بوظائف تدريس مؤقتة، أو المتنقلين بين الإدارات أو الاختصاصات، أو المتخصصين المؤهلين تأهيلاً عالياً، أو بعض العاملين في مجالات الفن والثقافة، أو غيرهم، على ضوء ظروف معيّنة، الحصول على تصاريح عمل أيضاً. 

الطريقة الأكثر شيوعاً للبقاء في المملكة المتحدة بعد دراستك هي التقدم بطلب للحصول على تأشيرة من فئة  VISA، والتي تسمح لك بالعيش والعمل في المملكة المتحدة لمدة خمس سنوات. ولكي تكون مؤهلاً للحصول على هذه التأشيرة، ستحتاج إلى الحصول على عرض عمل، من رب عمل يكون بمثابة راعٍ لك.  (هناك حوالي 30 ألف شركة مسجلة كجهات راعية للفئة 2 Tier) براتب يبدأ من 20800 جنيه إسترليني أو 27103 فرنكاً سويسرياً (يمكن أن يكون الراتب أعلى بحسب نوع العمل الذي ستقوم به). 

كما يتوجّب على أصحاب العمل أيضا تلبية شروط معينة، فعلى سبيل المثال، عليهم التقدّم إلى مكتب التأشيرة والهجرة البريطانية، ما يثبت أنهم بذلوا كل الجهود الممكنة للعثور على مرشح مناسب من المملكة المتحدة / الاتحاد الأوروبي لوظيفة ما قبل تقديم عرض لمرشح دولي. ولا يمتلك جميع أرباب العمل الموارد أو البنية التحتية اللازمة لهذا الغرض، مما يفسّر قيام المؤسسات الكبرى بتقديم فرص عمل على المرشحين الدوليين، أكثر مما تقدمه المؤسسات الصغرى.

وخلاصة القول، أنه قد يكون من الصعب على الطلاب الدوليين القيام بالخطوة الأولى ومع ذلك، ووفقاً لمسح أجراه موقع Debut   ، وهو موقع متعلّق بالحياة المهنية للطلاب، فإن 72% من 800 شركة شملتها الدراسة، أبدت رغبتها في دعم ورعاية المرشحين الدوليين و86% من هذه الشركات اعتبرت أنه من المهم توظيف المواهب الدولية لتحسين الأداء الوظيفي فيها.

وفيما يتعلق بالطلاب الدارسين في الولايات المتحدة والذين يرغبون في الحصول على عقود عمل طويلة الأجل، بما يعنيه ذلك من مزايا ومرتبات، فعليهم القيام بمحاولة الحصول على تأشيرة،  كتاشيرة H-1B  إلا أن المنافسة الشديدة بين المرشّحين، واستخدام  نظام القرعة لمنح هذه التأشيرة، يؤديان إلى استبعاد الكثير من الأشخاص.

وعلى الطلاب أيضاً إيجاد رب عمل يرعى عملهم في البلاد، وقد يكون ذلك صعباً حين يكون تحديد فرص البقاء مرتبط بنظام القرعة. وهناك  نصحائح وارشادات للطلاب الذين يرغبون في العثور على راعٍ في مجال معين من الخبرة المهنية، كأن يتقدموا مثلاً بطلباتهم إلى المؤسسات التي تستقبل الموظفين الأجانب، علماً بأن الأمر لن يكون سهلاً.

وكما هو الحال بشأن كل جانب من جوانب الدراسة في الخارج، فإن بعض الجامعات مثل جامعة بنسلفانيا ، تنصح الطلاب بالبدء بإجراءات الحصول على التأشيرات المطلوبة واجراءات العمل والتخطيط للمستقبل، في وقت مبكر. وهناك العديد من المتغيرات التي يجب أخذها في عين الاعتبار، فكلما كان لديك المزيد من الوقت للتعامل معها أو حتى لتغيير مسارك المهني، كان ذلك أفضل. 

الرواتب المبدئية

يمكن لحملة درجة البكالوريوس في سويسرا أن يتوقعوا مدخولا  أكبر بحوالي 40%، من حاملي شهادة الثانوية العامة. وقد تصل هذه النسبة لما يقرب من 70% للخريجين الحاصلين على درجة الماجستير أو الدكتوراه. وللحصول على الأرقام الدقيقة، يمكنك الاطلاع على  تطبيق حاسبة المرتبات   على الموقع الخاص بالمكتب الفدرالي للإحصاء، والذي يعرض متوسط الراتب الإجمالي لمختلف القطاعات والمناصب الوظيفية في أجزاء مختلفة من البلاد.

وفيما يتعلق بالمملكة المتحدة، فإن متوسط الراتب الإجمالي عند التخرج في عام 2016/2017 كان 21000 جنيه إسترليني، وفقاً لوكالة إحصائيات التعليم العالي HESA  . وفي عام 2016/2017، كانت المجالات الأكثر ربحاً من الناحية المالية عند التخرج (بغض النظر عن المؤسسة) هي المتعلقة بطب الأسنان، والطب العام، والهندسة، والاقتصاد، والطب البيطري، حيث تراوح الراتب المبدئي من 31340 جنيهًا إسترلينياً إلى 28277 جنيهًا إسترلينياً. وبالنظر على المدى البعيد، فإن أهم ثلاث دورات دراسية تحقق  اعلى المكاسب في المملكة المتحدة  في غضون خمس سنوات بعد التخرج هي الاقتصاد في جامعة كامبريدج، وإدارة الأعمال والإدارة في جامعة أوكسفورد، والاقتصاد في جامعة سانت أندروز، حيث بلغ متوسط الرواتب السنوية 63230 جنيهاً إسترلينياً.

ومن الجدير بالذكر أيضاً، أنه على الرغم من أن الدراسات الاقتصادية ودراسات الأعمال التجارية قد تبدو الأكثر ربحاً لأنها تدر أعلى المداخيل، إلا أن المجال الذي حصل على أعلى متوسط دخل للخريجين بعد خمس سنوات من إنهاء الدراسة، كان في الحقيقة، مجال الطب بمتوسط راتب قدره 46600 جنيه إسترليني.

أما في الولايات المتحدة، فإذا اجتاز طالب أجنبي نظام القرعة H-1B بنجاح ووجد رب عمل، فإن حظوظه في كسب مداخيل عالية تكون كبيرة، لأن هذه التأشيرة تُمنح أساساً للعاملين ذوي المهارات العالية في مجالات علوم الكمبيوتر والرياضيات عادة.  ووفقا لبيانات عام 2016، كان متوسط الراتب السنوي للعاملين ذوي المهارات العالية 80000 دولار (80049 فرنكاً سويسرياً)، في حين لم يتجاوز متوسط الراتب لعامل أمريكي مماثل 75036دولاراً. 

ويعتمد الحصول على راتب أعلى، على مدى قدرة المرشّح على المنافسة. فقد بلغ متوسط الأجور في عام 2016 للعاملين في شركة ميكروسوفت ممن حصلوا على تأشيرة H-1B، أكثر من 126000 دولار، وبلغ في فيسبوك 140000دولار. هناك إذاً إمكانية لتحقيق مداخيل عالية، إلا أن هذه الإمكانية تعترضها عقبات عدة لا بد من التغلب عليها لتحقيق الغاية المنشودة.

 

 

 

ر.خ /SWI

زر الذهاب إلى الأعلى