هنا اوروبا

هل يعاني أكبر مخيمات المهاجرين في باريس من آفة المخدرات والكحول؟

مخيم بورت دو لا فيليت، أكبر مخيمات المهاجرين وطالبي اللجوء في العاصمة الفرنسية. يؤوي اليوم نحو 1500 مهاجر يبيتون في خيام متناثرة على ضفتي قناة سان دوني. مهاجر نيوز عاد لزيارة المخيم، خاصة بعد إغلاق مركز الاستقبال في لا شابيل، ليقف على واقع المهاجرين هناك.

 

من على جسر قناة سان دوني في منطقة بورت دو لا فيليت شمال باريس، نرى أكبر مخيم للمهاجرين وطالبي اللجوء في العاصمة الفرنسية. مجموعات خيام متراصة تؤوي نحو 1500 شخص قدموا من إريتريا أو الصومال أو السودان أو أفغانستان. بعض الخيام مفتوحة يجلس أمامها مجموعة من المهاجرين يتبادلون الأحاديث، فيما تبدو أخرى خالية بأبوابها المغلقة. عند النزول عن الجسر باتجاه المخيم، تظهر جغرافية المخيم بشكل أوضح، الخيام ملاصقة لحافة النهر، هناك أشخاص يعبرون على تلك الحافة، الموقف خطير خاصة إذا كان هناك أطفال يلهون في المنطقة.

خلال الفترة الصباحية المخيم هادئ نسبيا، مازال الكثير من المهاجرين نيام. في إحدى الزوايا التقينا بعائلة من إريتريا، لم نفهم تحديدا صلة القربى بينهم لعدم تمكننا من التفاهم معهم بلغتهم، إلا أن ما استطعنا فهمه هو أنهم أقرباء و جاؤوا الى المخيم قبل  مدة ليست بطويلة.

خلال التجول تلاحظ مدى اعتياد سكان المنطقة على مشهد المخيم وحياته اليومية. هناك أشخاص يمارسون رياضة الركض على الضفة الأخرى، آخرون يركبون الدراجات مقابل الخيم بالقرب من حافة النهر، رجلا شرطة يقفان بالقرب من شجرة يستمتعان بأشعة الشمس، كل ما هو محيط بهذا المكان يوحي بالهدوء والطمأنينة.

إلا أن لهذا الهدوء والأمان حقيقة أخرى مخيفة تظهر مع بدايات الفترة المسائية.

سالم، شاب إريتري مهاجر يسكن المخيم، قال لمهاجر نيوز "الهدوء الذي ترونه الآن ليس دائما، فمع بداية المساء تبدأ المشاكل".

للناظر من على الجسر، يمكن ملاحظة مجموعات من الخيم المتباعدة، تشكل كل منها تجمعا لعشرين خيمة أو أكثر، على ضفتي القناة.

يضيف سالم "يمكنكم أن تروا أن المهاجرين منتشرون على طول مساحة القناة، هؤلاء تركوا هذه المنطقة المفترض أنها المنطقة الرئيسية وابتعدوا بسبب المشاكل".

 

       خيم المهاجرين انتشرت على ضفتي القناة. مهاجر نيوز

 

 

مخدرات وكحول وأعمال شغب

المشاكل التي يتحدث عنها سالم تتسبب بها مجموعة من الأشخاص "الشريرين" الذين يأتون بشكل شبه يومي إلى المخيم ويفتعلوا الاضطرابات هناك. "منهم من يجلب معه المخدرات (الحشيش) والكحول وحبوب الهلوسة، يتعاطون المخدرات هنا، ويحاولون بيع المهاجرين المخدرات والحبوب أيضا… بطبيعة الحال هذا الوضع سيخلق حالة من التوتر التي غالبا ما تنتهي بمشكلة أو عراك"، يحاول سلامة أن يشرح سبب انتشار المهاجرين على ضفتي القناة بعيدا عن المخيم المركزي.

لا أحد يعلم هوية هؤلاء الأشخاص الحقيقية، "بعضهم فرنسيون أعتقد وآخرون أجانب، لا أعلم من أين يأتون". ويشدد المهاجر الشاب على أنه عندما تندلع التوترات والمشاكل، الشرطة لا تتدخل، "المهاجرون هنا خائفون من هذه المجموعات ولا يعلمون كيفية التعاطي مع هذا الوضع… بعض أفراد هذه المجموعات يتكلم العربية، ويحاولون غالبا دعوة المهاجرين هنا إلى التظاهر وارتكاب أعمال شغب".

يذكر سالم أنه قد شارك مع مجموعة من المهاجرين من هذا المخيم في تظاهرات عيد العمال في الأول من أيار الحالي، "ما إن بدأت مجموعات من المتظاهرين بإثارة المشاكل وارتكاب أعمال شغب حتى انسحبنا، الشغب ليس هدفنا، كل ما نريده هو أن نعيش بسلام وهدوء".

 

            سلامة، مهاجر من إريتريا، موجود في المخيم منذ حوالي خمسة أشهر. مهاجر نيوز

 

 

تحريض على الجمعيات

يؤكد سالم أن هؤلاء الأشخاص تعرضوا في عدة مناسبات لمتطوعي الجمعيات التي تعمل على خدمة المهاجرين، "ماذا لو لم تعد تلك الجمعيات تأتي إلى المخيم، ماذا نفعل؟ ماذا لو بقي هؤلاء هنا في المخيم، سيكون الوضع كارثيا بالنسبة إلينا".

"يحرضون المهاجرين على المتطوعين والجمعيات وحتى الصحافيين الذين يزورون المخيم من وقت لآخر، يقولون لهم أن هؤلاء يستخدمون صور المهاجرين في تقاريرهم ويضعونها على يوتيوب، بالمقابل لا يقومون بشيء من أجل المهاجرين. للأسف هناك بعض القاطنين في المخيم ممن يصدقون هذا الكلام نتيجة أوضاعهم الصعبة، ولكن هذا ليس موقف أغلبية المهاجرين"، يختم المهاجر الإريتري.

"لن نوقف عملنا في المخيم"

يان مانزي، من منظمة "يوتوبيا 56" التي تعمل مع المهاجرين في مخيم بورت دو لا فيليت منذ مدة، تحدث مع مهاجر نيوز حول هؤلاء الأشخاص، "لا أعلم من أين يأتون كما أنني لا أعلم تحديدا ماذا يفعلون في المخيم، إلا أنني لن أتفاجأ إذا تأكدت من أنهم يقومون ببيع المخدرات".

وكانت منظمة "يوتوبيا 56" قد تحدثت في أوقات سابقة عن تعرض متطوعين يعملون معها في ذلك المخيم لمضايقات وحتى اعتداءات، إلا أن مانزي لا يمكنه تأكيد ما إذا كان هؤلاء هم أنفسهم من تعرضوا لمتطوعي المنظمة. "كل ما يمكنني قوله هو أنه عندما نكون هناك ويحضر هؤلاء، نحاول أن نتوخى الحذر في التعاطي معهم".

منظمة "فرنسا أرض لجوء"، وهي إحدى المنظمات ذات الحضور الدائم في المخيم، رفضت التعليق على ما ذكره المهاجر الإريتري، إلا أنها أكدت، على لسان رئيسها بيير هنري لمهاجر نيوز "ليس لدينا النية لنوقف عملنا هناك. نحن نتواجد في المخيم يوميا بين التاسعة صباحا والتاسعة مساء، وهذا لن يتغير".

 

 

 

 

 

.infomigrants

زر الذهاب إلى الأعلى