هنا اوروبا

تعديل نظام التقاعد يفجر موجة من الإضرابات في فرنسا

يوروتايمز / منذر المدفعي 
 
 
 

تسبب مشروع ماكرون لتعديل نظام التقاعد في فرنسا وتحويله إلى نظام عام وموحد مبني على النقاط بإثارة موجة غاضبة من الاحتجاجات في الشارع وتحت قبة البرلمان على حد سواء. إلا أن إعلان الحكومة في أكثر من مناسبة عن عزمها تطبيق هذا المشروع الذي أعده الاقتصادي الفرنسي جان بول دولافوا فجر غضب الفرنسيين ليدخلوا البلاد في موجة من الإضرابات العمالية والنقابية بهدف إجبار الحكومة على التراجع عن موقفها.

 

وجراء هذا الإصرار إلتف الكثير من عمال شبكة النقل العام حول النقابات الفرنسية تمهيدا لإضراب عام اعتبارا من 5 ديسمبر وقد اعتبره العمال إضرابا تاريخيا لأنه سيكون شبه شامل لكل وسائل النقل ومفتوحا دون الحديث عن موعد لإنهائه.

وإزاء هذه التهديدات النقابية والعمالية دعت الحكومة الفرنسية الممثلين النقابيين للحوار من أجل عرض هذا المشروع بشكل مفصل عله يلقى قبولا لديهم. إلا أن العمال الفرنسيين لم ينتظروا عرضا تفصيليا بقدر انتظارهم لإعلان رسمي عن إلغاء هذا المشروع.

وقبل انطلاق إضراب عمال شبكات النقل العام أعلنت أقسام الطوارئ في المستشفيات الفرنسية العامة عن الدخول في الإضراب في نهاية شهر نوفمبر الماضي مستثنين الحالات شديدة الخطورة التي سيلتزمون باستقبالها بينما دعوا المرضى إلى عدم التوجه إليهم لأنهم لن يقدموا لهم أية خدمة طبية.. ودائما في السعي للضغط على الحكومة للتراجع عن موقفها.

 

وبدلا من الإعلان عن التراجع دعا ماكرون وزرائه في نهاية شهر نوفمبر إلى التقرب من المواطنين بهدف الترويج لما وصفه "بالمشروع الإصلاحي". هذا المشروع سيكون له الأثر في توفير ما يقارب 100 مليون يورو للخزينة العامة إلا أن المواطن لا يقلق بشأن الخزينة العامة بقدر قلقه بشأن ماله الخاص الذي سينخفض بشكل مؤكد وفق الحسابات التي قدمها بعض الاقتصاديين مؤكدين بأن الموظف سيضطر للعمل لعام واحد إضافي على الأقل للحصول على التقاعد الذي يحصل عليه المواطن في هذا اليوم.

 

وعند حلول الموعد الذي هددت به شبكات النقل العام والمصادف 5 ديسمبر الحالي قدم الموظفون خدمات نقل انخفضت إلى أقل من 20 ٪ في اليومين الأولين للإضراب بمعدل قطار واحد خلال كل 30 دقيقة بعدما كان معدل القطارات يصل إلى قطار خلال كل ثلاثة دقائق.

 

هذا الإضراب الذي زادت حدته في الأسبوع الثاني تسبب بولادة حالة اختناق مروري في معظم شوارع باريس بينما شعر المواطنون بالغضب وعبر البعض عن سخطه مؤكدا بأن شبكة النقل العام "تتخذ من المواطنين رهينة في معركتهم بوجه الحكومة" إلا أن نسبة كبيرة من المتضررين بقيت تساند هذا الإضراب.

 

ومن بين الآثار الجانبية لهذا التحرك الاحتجاجي هو انخفاض المردود المادي الذي تحققه المطاعم والمقاهي في باريس إلى قرابة 40٪ بسبب صعوبة تنقل المواطنين كما أعلنت دائرة المرور العامة عقب مرور أكثر من أسبوع عن انطلاق الإضراب عن ارتفاع معدل الحوادث المرورية وكذلك حوادث دهس ركاب الدراجات الهوائية بسبب الزخم الذي تشهده الشوارع لركاب الدراجات الهوائية التي تم اللجوء إليها كواسطة نقل بديلة عن المترو والباص الذي أخلف موعده مع ركابه.

ولطمأنة المشتركين أعلنت شركة النقل العام بأنها تلتزم بتسديد الزبائن ذوي الاشتراك الشهري إلا أن هذا الإعلان زاد من قلق الركاب الذين باتوا واثقين بأن الإضراب قد يستمر حتى نهاية شهر ديسمبر.

وفي خضم هذه الظروف الاستثنائية أعلن مهندس تعديل قانون التقاعد جان بول دولافوا عن استقالته من مهمته بتاريخ 16 ديسمبر لترك دفة السفينة لماكرون الذي "قبل الاستقالة بأسف".

 

وإزاء اصرار الحكومة يوشك الإضراب على الاستمرار حتى نهاية ديسمبر بينما يلتمس المواطنون من شبكة النقل العام تعليق الإضراب خلال فترة الأعياد ليتمكنوا من زيارة عوائلهم.

زر الذهاب إلى الأعلى