آراء

د. هيثم هادي نعمان الهيتي : الانسحاب الامريكي من سوريا واحتمالات الاشتباك الاسرائيلي الايراني

تقييم الخيارت العسكرية والجماهيرية الايرانية 

 

د. هيثم هادي الهيتي

 

استطاعت ايران من خلال  تتمددها في العراق وزرعها لايدلوجيات موالية لنفوذها وتعميق نفوذها السياسي العسكري والاقتصادي بعد اضعاف واهلاك الدولة العراقية وهيكليتها وتعزيز الطائفية , كما ان ايران استطاعت ان تربط نفوذها العسكري عبر خطوط تواصل بري واسعة تمتد من إيران إلى العراق وسوريا و لبنان واصبح لها وجود عسكري محاذيا لاسرائيل  

وهذا الوقت الذي جاء فية قرار الرئيس الامريكي دونالد ترامب بسحب القوات الامريكيه التي كانت تمثل بمثابة حاجز يمنع اي اشتباك بين ايران واسرائيل على الاراضي السورية، وبالتالي زدات معدلات التماس الايراني الاسرائيلي في المنطقة والذي ياتي لاسباب عدة منها ان ايران استخدمت البراغماتية للوصول الى غايتها في تقوية نفسها وفي انشاء مليشياتها في العراق وبناء جيوش من المرتزقة ووصول قواتها الى سوريا واليمن واستقطاب حماس ودعم حزب الله وبالتالي واقعيا وعمليا ان ايران اليوم هي قوه عسكرية هائلة في المنطقة ويمكن تقيم عوامل التاهل العسكري والجماهيري الايراني من خلال العوامل  التاليه 

اولا : القدرة البشرية الايرانية الهائلة : تمتلك إيران نحو 934 ألف جندي احتياطي في حين يبلغ مجمل القوات الإسرائيلية نحو 615 ألف عسكري ، وان التفوق العددي لإيران يصل عدد من يمكن تجنيدهم فيها إلى  نصف سكان البلاد البالغ عددهم 84 مليون نسمة مقارنة بعدد سكان "إسرائيل" البالغ عددهم 3.6 ملايين وبالتالي فان ايران قادرة على ادارة استمرارية الزخم البشري الذي يعتبر عامل اساسي في الحروب 

ثانيا : الراي العام العربي :  كمتخصص بالراي العام العربي فانني ارى ان المستفيد الاكبر من اي مناوشات عسكرية اسرائيلية ايرانية في سوريا او حرب حقيقية هي ايران حيث سوف تتمكن ايران من التاجيج عبر دعايتها السياسية انها هي من تدافع عن القضية الفلسطينية وليس العرب وبالتالي ستحرجهم مع شعوبهم وسوف تستفيد من تعميق نفوذها الايدلوجي في الدول العربيه كسوريا والعراق واليمن والبحرين بل ان هذه الحرب المحتملة سوف تتوج ايران امبراطورية اسلامية في الشرق الاوسط , ويجب ان يعرف الجميع ان المتاجرة السياسية بالقضية الفلسطينة له تاريخ في الشرق الاوسط والكثير من القادة استفادوا من هذة القضية لتعميق شعبيتهم الجماهيرية , فصدام حسين عندما اطلق صواريخة على اسرائيل لم يكن في الحقيقة يرتجي اي هدف عسكري حقيقي بل كان يريد دفع اسرائيل على الرد لكي يحرج العرب وينسي الشعوب العربية قضية احتلال الكويت ويلعب على قضية اخرى والا وهي القضية الفلسطينية ، لذا فان ايران ستربح الراي العام العربي وتضعف العرب امام جماهيريهم .   

ثالثا : حلفاء اسرائيل وحلفاء ايران : حلفاء ايران في المنطقة كثر وهم يتميزون بانهم حلفاء عقائديين مؤمنين بولاية الفقيه وبما يصدر عنه لمواجهة اسرائيل وهم مستعدين للقتال المباشر نيابة عن ايران اما حلفاء اسرائيل فهم حلفاء مصالح ولا يمكنهم القتال مع ايران بدلا عن اسرائيل لذا اسرائيل اليوم لا يمكن ان تعتمد على اصدقائها القريبين ويمكن ان تستند فقط على الولايات المتحدة ولكن ايضا سنكون مصالح وقواعد الولايات المتحدة الامريكية معرضة للخطر الجسيم .  

ثالثا: الجبهات الامامية والجبهات الخلفية : الاشتباك الاسرائيلي الايراني محتمل وقد تسعى له ايران عندما يزداد حصارها ومازقها الجماهري في المنطقة وهو يشابه المازق الجماهري العربي الذي وقع فيه صدام حسين عندما احتل الكويت ولكنه استعان بالصواريخ لضرب تل ابيب ليدفع الجماهيرالعربية باتجاه ايجابي نحوه , ولكن ايران اكثر ذكاء من صدام.. فصدام كان فردا له مستشارون قلائل، اما ايران فهي نظام يفهم الكثير ويفهم التلاعب السياسي بعمق كبير , ولكن محور هذة النقطة ان الاشتباك مع اسرائيل سيقون ثقيلا على الاسرائيليين جدا ولن يكون ثقيلا على الايرانيين، حيث ستكون حرب مباشرة لاسرائيل مع جبهة عريضة من جانب الحدود السورية وجانب الحدود اللبنانية ومن جانب الداخل الاسرائيلية لحدود غزة، اما بالنسبة لايران فان لا حرب على حدودها بالمطلق وستكون الحرب بعيدة بريا وحتى الخطوط الخلفية للجبهات الامامية ستكون في العراق على شاكلة ما حصل في حرب 1973 عندما انتقل لواء خالد بن الوليد للحرب مع الجيش السوري ضد اسرائيل وبالتالي ستكون الميليشيات العراقية القوة الخلفية للحرب والمساندة للجبهة السورية الاسرائيلية 

رابعا : الاشتباك الجوي المحتمل : تتميز اسرائيل بانها ذات قوة جوية متفوقة على كل المنطقة , فهي تمتلك طائرات حديثة ومتطورة في حين ان ايران طائراتها قديمة وصناعة روسية لا تستطيع ان تتفوق على الطائرات الاسرائيلية ولكن اعلان المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، في 10 فبراير/شباط، تحطم مقاتلة إسرائيلية، شمال البلاد هو جرس انذار للاسرائيليين من القوة الايرانية المتصاعدة في سوريا , وعسكريا فان اسرائيل في حروبها ستكون معتمدة على القوة الجوية اكثر من البرية ولكن سقوط الطائرة الاسرائيلية يلغي هذة المعادلة ويؤكد ان هذة الحرب لن تكون نزهة او تكون خاطفة بل ستكون صعبة , يضاف الى حلفاء الايرانيين من منظمات وميليشيات، كحماس وحزب الله لهم القدرة على استخدام الحرب الجوية بطريقة غير تقليدية وهي طريقة طائرات الدرونز الصغيرة والتي يمكن ارسال المئات المفخخة منها والتي لا يمكن لاي سلاح متطور اصطيادها بسهولة. 

خامسا :  حرب الانفاق : أسلوب حفر الأنفاق طريقة  نوعية في الحروب لحفر الأنفاق مثل عملية التي قتل بها عدد من الجنود الإسرائيليين وخطف الجندي جلعاد شاليط عام  2006 وويمكن تطوير استخدام هذه الطريقة اللاتقليدية في الحروب كما استخدمه البريطانيون في  1917 حين استخدم  الجيش البريطاني تفجير 19 لغم من الألغلام الضخمة في انفاق تحت موقع الألمان حفرها الجيش البريطاني تحت موقع الألمان وضعوا في بعضها نحو 22 طن من المتفجرات و فقد الألمان نحو 10.000 جندي من هذا التفجير الكبيرواختلت قدرة الألمان على الدفاع. وبالتالي ان تجربة حزب الله اللبناني بالانفاق يمكن ان تكون ذات نتائج صعبة في حالة الاشتباك مع ايران 

التوصيات  

اولا : ما بعد داعش – اللاعبون المحليون 

استقال السيد برت ماكورنك والذي كان يمثل حكومة الولايات المتحجة الامريكية  في العراق وسوريا للحرب على داعش , وان استقالته يجب ان تتوج ببديل يملك افكار سياسية تتناغم مع ادارة الرئيس ترامب وتعمل وفقا لنظرية سياسية جديدة وفرضية اخرى , فرضية  ماذا بعد داعش ؟ وبهذة الفرضية يمكن رسم عدة خيارات ودراستها لانتاج حلول قد تشابه حل ديفيد باترويس الذي استطاع من خلال دعم الصحوات ان يقضي على تنظيم القاعدة والحقيقة ان الميليشيات الموالية لايران في الموصل وغيرها تزيد الاحقاد وتعزز ردود الافعال لدى الاهالي في هذه المدن للانخراط في داعش وان داعش تستفيد دعائيا من تصرفات المليشيات الموالية لايران , وبالتالي يجب العودة الى التفكير بافكار الجنرال باترويوس لكن بصيغة قانونية معدلة وبضمانات مستقبلية سياسية تؤمن مجموعة من العوامل اولها ضمان عدم عودة داعش , انهاء دور الميليشيات الموالية لايران في المنطقة , قطع خطوط الامداد العسكري والاقتصادي الايراني  بين العراق وسوريا , وبالتالي يمكن تاسيس لاعب محلي يحقق الاهداف ويقلل من دور ايران ويقلل من مخاطر خطوط الامداد للاشتباك الايراني الاسرائيلي المحتمل ويعيد الحياة لهذة المدن المدمرة 

ثانيا : فرضية دفع حلفاء ايران للضغط على ايران مرفوضة : الفكرة الأساسية لأي فرضية هي عدم وجود نتيجة مسبقة ومحددة. ولكي تصبح الفرضية فرضية علمية يجب أن تُدعم أو تُرفض بالاعتماد على عملية تجريبية ، وبالتالي اعتماد السياسية الامريكية على فرضية غير فعال وهي الحديث المطول عن تقليل النفوذ الايراني في العراق، الا ان العراق يسير بسرعة اكبر بالاتجاه الايراني وهذا يعني انه لا يمكن الاعتماد على ايديولوجيين مؤمنين بولاية الفقيه ليكونوا حلفاء دائمين لامريكا في المنطقة ، وقد اكد الرئيس الامريكي دونالد ترامب اثناء زيارته للعراق على انه لا يريد انصاف الاصدقاء.

ثالثا : خمسة مؤشرات من العراق والعمل على التفكير بالبدائل المستقبلية : خمسة مؤشرات تنبئ بان الرصيد الجماهيري للطبقة السياسية اصبح في اقل درجاته ففي استطلاع للراي العام العراقي اجراه المعهد الديمقراطي في اب 2018 يؤكد ان 78% من العراقيين يشعرون ان العراق ذاهب بالاتجاه الخطأ مقابل 21% ذكروا ان العراق ذاهب بالاتجاه الصحيح.. اما المؤشر الثاني هو تصريج عضو مجلس النواب حاكم الزاملي بان العراق متجه نحو الهاوية ، المؤشر الثالث :  نسبة المشاركة الضئيلة في الانتخابت التي بلغت 44,52% ، المؤشر الرابع : التاخر في تشكيل الحكومة واختيار الوزراء ، اما المؤشر الخامس : المظاهرات التي تشتعل في البصرة بين حين واخر والتي اعترف بها نوري المالكي رئيس وزراء العراق الاسبق  قائلا انها قد تكون الشرارة لاشتعال الوضع في العراق   

رابعا : قانون الحرس الوطني العراقي : اقترح رئيس الوزراء العراقي الاسبق حيدر العبادي قانون (الحرس الوطني) الجديد في سبتمبر 2014، والذي تضمن ضم أبناء المحافظات التي يحتلها تنظيم داعش الارهابي الى هذا التشكيل الجديد. حيث وافق مجلس الوزراء العراقي على مشروع قانون إنشاء الحرس الوطني في شباط/ فبراير 2015،تعلق بتشكيل القوات العسكرية في المادة الثانية /1 التي تضمنت (يتم تشكيل قوات عسكرية نظامية محلية في كل محافظة من ابناء المحافظة نفسها فقط ويتم تطويع ابناء الاقضية والنواحي ومركز المحافظة بما يضمن التمثيل الحقيقي لأبناء جميع المكونات وبحسب نسبة تمثيلهم الحقيقي في مجتمع المحافظة نفسها) وهذا القانون يجب تفعليه ويكون الدور الامريكي هو من خلال التدريب لهذه القوات المحلية في المحافظات والتي يمكن ان ترتبط بالمحافظة والتي سوف تنهي دور داعش وتضعف المليشيات وهذا سوف يخرج العراق من معادلة الخطوط الخلفية 

خامسا : اعادة الدور العربي لسوريا : هناك ضرورة لاعادة الدور العربي لسوريا من خلال تبني سياسية تفاوضية مع النظام السوري الذي لم يسقط لان الاصرار على الاستمرار بالصراع هو يعني مزيدا من النفوذ الايراني ومزيدا من دماء السوريين، ولكن يجب ان يكون هذا التفاوض مبنياً على شروط تسوية تعيد النازحين والمهجرين بدعم دولي , وسحب كافة المليشيات الايرانية , اعادة الاعمار , تشكيل حكومة توافقية تقبلها المعارضة , وعليها ان تقبل ان تدخل سياسيا مع النظام  لانه الخيار الاوحد ، اصدار عفوا عاما عن السياسين واخراجهم من السجون. ,

إذا اندلع الصراع بين إيران و"إسرائيل"، يمكن للقادة العسكريين الإيرانيين فتح جبهات متعددة ضد تل أبيب عبر وكلائها في سوريا ولبنان والعراق، كما بإمكان طهران إدخال صواريخ متوسطة وطويلة المدى إلى مليشياتها و تتسلح القيادة الإيرانية عبر التعبد بطاعة «ولاية الفقيه»، والتي سبق أن تمت تجربتها بنجاح كبير في واقعة «فتوى التنباك» التاريخية ضد المصالح البريطانية. وحاليا وفي أداة أخرى مشابهة عبر فتوى السيستاني «الواجب الكفائي» للتحشيد الشعبي ضد داعش ، إيران دولة عقائدية مبنية على الإسلام الذي يرى أن إسرائيل تمثل احتلالا لأرض إسلامية، ومنتهكة لمقدسات المسلمين الذين يجب عليهم شرعا دفع هذا العدوان عنها وتنتهج إيران سياسة عملية تحريضية علانية ضد إسرائيل، أتبعوها بإجراءات عملية، فهم يدعمون صراحة جميع قوى المقاومة ضد إسرائيل داخل فلسطين وخارجها، دعما ماليا ولوجستيا، وكانت مقاييس أسلحتهم المصنعة تعتمد على مدى الوصول الى فلسطين المحتلة وهذه ستكون فرصتهم التاريخية امام الدول العربية ليكسبوا الجماهير العربية من ليس فقط من اسلاميين شيعة بل سنة وقوميين.

 

 

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى