تحقيقات ومقابلات

بريطانيا ستواصل اعتمادها على المهاجرين بعد «بريكست»

ستظل تعتمد بريطانيا على اليد العاملة الأجنبية، حتى بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي، رغم أن قضية الهجرة شكلت إحدى أهم نقاط حملة «بريكست»، التي روجت للسيطرة على الحدود للحد من تدفق المهاجرين. وقالت دراسة رسمية إن بريطانيا ستظل تعتمد على المهاجرين في اقتصادها لعدة عقود مقبلة، وأصبح يتعين على المواطنين الذين أيدوا هذا الخروج أن يتقبلوا حسابات المعادلات السكانية الثابتة، ويتعين أن يقرأ هذه التوقعات أي سياسي بريطاني يسعى إلى صياغة وتنفيذ عبارة «إعادة السيطرة على حدود بريطانيا».
المكتب الوطني للإحصاء في بريطانيا أصدر الدراسة حول توقعاته لحجم السكان لمدة 25 عاماً مقبلة، مع الأخذ في الاعتبار معدلات الأعمار. وقال، كما نقلت عنه الوكالة الألمانية في تحقيقها، إنه رغم التوقعات باستمرار زيادة عدد السكان البريطانيين خلال العقود المقبلة، سوف تستمر معدلات هذه الزيادة في التباطؤ. وتشير الدراسة إلى أنه خلال الفترة ما بين منتصف عام 2018 ومنتصف عام 2043، سيتزايد إجمالي السكان بنسبة 9 في المائة فقط، مقارنة بزيادة قدرها 15 في المائة خلال الأعوام الـ25 السابقة. ومع النمو السكاني، سيزيد عدد المسنين في المجتمع. ومن المتوقع أن تتضاعف نسبة المواطنين الذين تزيد أعمارهم على 85 عاماً أو أكثر خلال الربع المقبل من القرن الحالي، وذلك وفقاً لما قاله المكتب الوطني للإحصاء. وإلى جانب ذلك، فإنه اعتباراً من عام 2028، نجد أنه بينما سينخفض عدد الشريحة التي في سن العمل، وكذلك عدد الأطفال، فإن فئة المسنين ستعيش عمراً أطول، لتحصل على الزيادات المقررة في المعاشات.
وهذه الظاهرة تمثل خطورة في حدوث عدم توازن اقتصادي، حيث يدفع عدد قليل للغاية من العاملين الضرائب والتأمينات الاجتماعية لدعم الشرائح السكانية المتقاعدة التي تحتل أعلى الهرم السكاني، ومن المتوقع في هذا الإطار أن ترتفع نسبة السكان المسنين المستحقين المعاشات، لتمثل 22 في المائة من جميع شرائح المجتمع البريطاني بحلول عام 2043، بزيادة عن النسبة التي تم تسجيلها في منتصف العام الماضي، وتبلغ 5.‏18 في المائة، وذلك وفقاً للأرقام التي نشرها المكتب الوطني للإحصاء.
ومع بدء حالات الوفاة بين جيل ازدهار المواليد الذي شهدته فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، واستمر حتى الستينات من القرن الماضي، ومع تباطؤ ما يعرف باسم معدلات الإحلال السكاني، وهي الفارق بين المواليد والسكان، تبدأ أعداد المواليد والوفيات في التساوي، اعتباراً من الثلاثينات من القرن الحالي. ومن هنا، تأتي الحاجة إلى المهاجرين الذين هم في سن العمل للحفاظ على معدل النمو السكاني.
واستند مكتب الإحصاء الوطني في توقعاته بالنسبة لمعدلات الهجرة خلال الربع المقبل من القرن الحالي إلى المتوسط السنوي للمهاجرين الذي شهدته الأعوام الخمسة والعشرين الماضية، ويبلغ 190 ألفاً. ويمكن مع التقديرات الحالية أن يتراجع هذا العدد أو يزيد. واستخدم مكتب الإحصاء الوطني في توقعاته السابقة رقماً أقل، ويبلغ 165 ألف مهاجر سنوياً، ليعكس قلة المعلومات المتوافرة بالنسبة لربع القرن الممتد حتى عام 2016. ويسعى مكتب الإحصاء الوطني جاهداً ليؤكد حيادية جمع البيانات، ويقول في دراسته التي نشرها إن «التوقعات بحجم السكان البريطانيين لا تحاول أن تتنبأ بتأثير الظروف السياسية مثل (بريكست)». ومع ذلك، فإن هذه البيانات غير قابلة للجدل، ومع تزايد أعدد المعمرين، فإن بريطانيا تحتاج المهاجرين وإسهاماتهم الاقتصادية من أجل دعم الشريحة السكانية المتقاعدة. وحتى لو نجحت في النهاية في الخروج بنفسها من الاتحاد الأوروبي، فإن بريطانيا لن تستطيع أن تقيم السدود في وجه العمال الأجانب.
aawsat 

 

زر الذهاب إلى الأعلى