آراء

د. عبدالرزاق محمد الدليمي: النظام الحالي في العراق وصناعة الفشل

قبل سبعة سنوات من الان زارني قادما من لندن احد الاصدقاء القدامى وهو صحفي مخضرم يعمل في صحيفة عربية تصدر في لندن ،وكان في طريقه الى العراق لاجراء مقابلات مع القيادات الامريكية العليا المخابراتية والعسكرية المسؤولة عن تسيير امور الاحتلال،ولما كان كلانا يحب التوغل بعمق بالنقاشات عما آلت اليه امور بلدنا من تردي وتصدع وضياع،وردت من ضمن تشخيصنا للوضع نقطة خلافية حول اعطاء امريكا وبريطانيا كل الفرص للهيمنة الفارسية على مقدرات العراق بعد احتلالهم له …وطلبت منه في نهاية النقاشات ان ينقل عني عدد من الاستفسارات الى المسؤول الامريكي الاول ،ومنها معرفة اسباب ومبررات تسليم العراق الى نظام الملالي على طبق من ذهب؟ …. بعد قرابة اسبوعين اتصل بي صديقي الصحفي ،بعد عودته من العراق…والتقينا حينها وابلغني الخلاصة التالية نقلا عن المسؤول الامريكي : نحن لم نسلم العراق لايران ونحن من يتحكم بكل شيئ واذا اردنا ان نغيير الاوضاع في العراق فسوف يتم ذلك بساعتين لا اكثر وسوف نجلب كل (؟؟؟؟!!) الموجودين بالسلطة حاليا وعددهم لايتجاوز (200 شخص) بسيارات الهمر ومن سيلقي القبض عليهم هم ليس الضباط بل المراتب الاقل،فالامريكيين يعرفون كل التفاصيل المملة عنهم جميعا حتى ما يحدث في غرفهم واين يضعون الاموال التي سرقوها ووووو.
اسوق هذه المقدمة التي سبق وان ذكرتها في مقال سابق،كي اوصل رسالة الى من يعتقدون ان الامريكيين والبريطانيين فوضوهم بشكل لارجعة فيه بامور العراق،بأن هاتين الدولتين المحتلتين تتعامل مع عملائها الذي خانوا البلد الذي فاض عليهم بكرمه وقبلهم مواطنين فيه وهم لايستحقون ذلك..بطريقة ليس فيها ابسط حدود الاحترام اي معاملة السيد والعبد الاعمى الذليل المطيع…اما (هملبتهم) امام شاشات التلفزيون معتقدين ان العراقيين يصدقون اكاذيبهم بالسيادة والاستقلالية وانهم يرفضون تحرك السفيرة الامريكية وبلاسخارت بينما لاينتقدون مايقوم به السفيه الايراني .

فنانون بصناعة الاعداء

منذ احتلال العراق في نيسان 2003 ومن جلبهم المحتل متمسكين بذات الاساليب العقيمة في مواجهة سلاسل فشلهم الذريع في تمشية امور الدولة والنظام المتخلف،فكلما وقعوا في مصيبة جديدة ذهبوا الى دفاترهم البالية وكرروا ذات الاساليب التي ثبت فشلها ،ومنها توجيههم التهم الى جهات وشن حملات ترويع واعتقالات لجهات هم يقولوا انها لم تعد موجودة بمعنى انها جهات افتراضية يستحضرونها في اثناء ازماتهم وفشلهم المستمر ولحظات الضعف ويسلطون السنتهم المحقونة بالحقد والافتراءات والكذب والهرطقات التي لم تعد تنطلي حتى على اطفال العراق الصغار…واخر ابتكارات تخلفهم وفشلهم فتح جبهات على جيران العراق الذين يفترض ان تربطهم معهم علاقات طيبة بحجج واهية وباساليب تعد بأبسط الاعراف الدولية تدخل سافر في شوؤن الدول الاخرى ،ولعل مواطني الدولة المعنية يتسائلون لماذا لاتتحامق هذه الثلة من سياسيي اخر زمن على مايحدث في داخل ايران وسوريا فالحجة التي ساقوها كذريعة موجودة بنفس الصيغة في لبنان وتونس بل في جميع الدول العربية،وهذه المؤسسة المعنية موجودة بشكل رسمي منذ عقود خلت في الدولة الجارة ،ناهيك عن ان الدولة التي اتهموها تمنع بشكل قاطع وحازم غير حملة جنسيتها من ممارسة اي نشاط سياسي بل هم يمنعون اي نشاط ومن اي نوع سياسي او غير سياسي.
وللتدليل على ان هذه (الطقطوقة) السياسية العقيمة هي مفتعلة ورد فعل على فشل النظام وادارته وتخلف الطبقة السياسية في الاستجابة للمتغيرات والمزاج داخل العراق وبين ابناء شعبه نشير الى مايقوم به جماعة الاطار من تحركات هجينة صوب محافظات بعينها بعدما لم يجدوا اي صدى او احترام من ابناء شعبنا الغيارى في محافظات جنوب العراق البطلة الذين رفضوا هذه الثلة من اعداء انفسهم واعداء العراق فذهبوا الى من يشبهونهم بالخصائص والصفات غير الحميدة كما حصل في محافظة التاميم وديالى!!!
العراقي يبحث عن الضوء

في الوقت الذي تتضخم ثروات ذيول الاحتلال وعملائه في كل يوم بمليارات الدولارات من السحت الحرام وسرقة قوت الشعب لايزال المواطن العراقي الذي ينتمي الى اغنى بلد بالثروات بالعالم لا يرى ضوءاً يلوح في الأفق. فرغم كل التظاهرات منذ نيسان 2003 وصولا الى تشرين وما بعدها فشلت الثلل التي جاء بها الاحتلال والمليشيات الولائية التابعة لملالي طهران في مواجهة ارادة العراقيين وتحولت من مرحلة الهجوم على الشعب الى موضع الدفاع المستكين الضعيف لأول مرة. فالحالة المرضية تجتاح الفئة الحاكمة والاحزاب العميلة في العراق ، انها فوبيا الشعب العراقي ، فالهلع اخذ مداه في قلوب الخونة والعملاء والذيول وبات واضح للعيان ، فوبيا وهلع لاينفع معهما الطب النفسي ومدرسة التحليل النفسي ، حتى وان خرج فرويد وادلر ويونغ من قبورهم فلن يستطيعوا ان يجدوا علاج لهؤلاء المرتزقة .
يحللون لانفسهم ويحرمون على العراقيين
حلال على احزاب الاسلام السياسي الحاكمة بامر الله والتمدد الى كل الامم والشعوب ، وحرام على العراقيين ان ينعموا بخيرات بلدهم ، محرم عليهم العمل في ارضهم وتحت سماءه ، واللقطاء يجوز لهم العيث في الارض فسادا يحرمون ويحللون ، يسرقون وينهبون ، بدل ان يقدموا الخير لاهل العراق راحوا يدعمون الحوثي في اليمن وحزب الله بلبنان ، ويفتحون الابواب للجاليات الهندية والباكستانية والافغانية والبنكلاديشية والافريقية ، الجاليات التي اصبح انتشارها ظاهرة اجتماعية واقتصادية وامنية ضارة منتشرة في عموم العراق ، الجاليات التي تحصل على امتيازات لايحصل عليها ابناء العراق وبامر المراجع الدينية ، حثالة السياسة يحولون مليارات الدولارات الى ايران بالشاحنات، والشعب يغلي من المعاناة والفاقه… انه الزمن الاغبر الذي انقلبت فيه الموازين ،فالشعب العراقي فائق الذكاء والثروات والتاريخ والامجاد اصبح تحت وصاية المتخلفين اللصوص العملاء المجرمين…هل ستبقى الامور على ماهي عليه؟ الجواب سيكون قويا من العراقيين الذين وعوا ان تغير حالهم لن يكون بارادة الامريكيين والبريطانيين بل بارادة الشعب العراقي الذي عرف عنه انه يرفض الظلم ايا كان مصدره،والايام حبلى بالاحداث!!

جميع المقالات تعبر عن رأي كتابها ولا تمثل يورو تايمز

زر الذهاب إلى الأعلى