كشف المستور

“مركز جمرايا” السرّي في سوريا.. هدف دائم للغارات.. فما السر وراء إستهدافه المستمر

شنّت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، فجر اليوم السبت، عملية عسكرية على سوريا رداً على الهجوم الكيماوي الذي اتهمت به دمشق، واستهدفت غارات جوية مواقع ومقار عسكرية عدة، بينها في دمشق.

وكما استهدف القصف الثلاثي مراكز البحوث العلمية وقواعد عسكرية عدة ومقرات للحرس الجمهوري والفرقة الرابعة في دمشق ومحيطها، بالإضافة إلى مراكز أبحاث عسكرية ومستودعات قرب مدينة حمص.

ولعل أبرز المناطق التي استهدفت في القصف، مركز جمرايا للبحوث العليمة السوري الواقع خلف جبل قاسيون شمال غربي دمشق، والذي سبق وتم استهدافه من قبل الطائرات الإسرائيلية لأكثر من مرة خلال السنوات الماضية.

تأسيسه وأهميته
تأسس مركز جمرايا للأبحاث العلمية في سوريا بداية السبعينيات من القرن الماضي، ويقع المركز شمال غربي دمشق خلف جبل قاسيون.

ويعد واحداً من أكثر المؤسسات التي تحيط بها السرية، حيث يمنع على الموظفين الاتصال مع أي وكالات أجنبية أو أجانب لمنع أي تسريبات أو اختراق من قبل أجهزة الاستخبارات الأجنبية وعلى رأسها الإسرائيلية، كما يخضع (المركز) والمواقع المرتبطة به لإجراءات أمنية مشددة.

أنشئ المركز في 1971 بأمر من الرئيس السوري السابق حافظ الأسد بمساعدة الاتحاد السوفياتي السابق، ليكون مركزاً لبحوث الطاقة الشمسية وتكرير مخلفات النفايات، لكن مسؤولين غربيين قالوا إنه يجري في المركز أبحاث لتصنيع أسلحة كيماوية.

ويعتبر المركز من أكثر المراكز سرية ويخضع والمواقع المرتبطة به لإجراءات أمنية مشددة، ويُمنع فيه الموظفون من التصريح عن أعمالهم، والاتصال مع الوكالات الأجنبية، أو الأجانب خاصة في فترات الحروب، لمنع أي تسريبات أو اختراق من قبل أجهزة الاستخبارات الأجنبية وعلى رأسها الإسرائيلية.

وكما يعتبر الجهة المسؤولة عن البرنامج الصاروخي للنظام السوري، ولا يعرف بالضبط عدد العاملين في المركز لكنهم يزيدون عن 10 آلاف مهندس وخبير حتماً، وكان المركز يقوم بإيفاد مئات المهندسين والخبراء سنوياً للدراسة في الخارج في مجالات لها علاقة بإنتاج الأسلحة إلى أن اندلعت الأزمة الحالية التي تعيشها سوريا.

ومنذ إنشائه عام 1971 تعاون المركز مع عدد من الدول والمؤسسات وأولها الاتحاد السوفييتي السابق ولاحقاً كوريا الشمالية وإيران.

وكان مركز البحوث العلمية قبل 2011 ينتج أسلحة كيميائية في 3 مواقع على الأقل هي جمرايا، خان أبو الشامات وسط سوريا، والفرقلس غربي البلاد بينما كان يتم تخزين الإنتاج في 50 موقعاً في أرجاء سوريا.

وتقول أجهزة الاستخبارات الفرنسية أن الفرع 450 التابع لمركز البحوث تجري فيه عملية تحميل الرؤوس الحربية بالأسلحة الكيماوية.

القواعد التي يضمها المركز
وتضم جمرايا بعضاً من أهم القواعد العسكرية الاستراتيجية في البلاد، إذ تقع بالقرب منه كتيبة 105 حرس جمهوري، ومركز الفرقة الرابعة التي يرأسها شقيق الرئيس السوري ماهر الأسد، بالإضافة إلى ثكنات عسكرية تتبع للوحدات الخاصة في منطقة الدريج.

استهدافه من إسرائيل
شكل الموقع الجغرافي للمركز وقربه من الحدود اللبنانية، هدفاً للغارات الإسرائيلية، بعد اتهامات لواشنطن اعتبرته مسؤولاً عن إنتاج الأسلحة الكيماوية.

وعمد الطيران الإسرائيلي إلى استهداف مركز جمرايا عدة مرات، حيث انطلقت أول غاراته في يناير(كانون الثاني) 2013، حين قالت وسائل إعلامية إسرائيلية إن سلاح الجو الإسرائيلي استهدف موقعاً عسكرياً تُنقل من خلاله صواريخ "فاتح 110" من إيران إلى ميليشيا حزب الله الإرهابية، وكما قصفت المكان ذاته في 5 مايو(أيار) من نفس العام.

وجددت القوات الإسرائلية قصفها في 5 ديسمبر(كانون الأول) 2017، وكما استهدفت مركزاً للبحوث العلمية قرب قرية جمرايا، في منطقة قدسيا بمحافظة ريف دمشق جنوب سوريا، وأصر سلاح الجو الإسرائيلي على قصف تلك المنطقة للمرة الرابعة في 7 فبراير(شباط) 2017، مستهدفاً مواقع ومخازن أسلحة تابعة للقوات السورية في المنطقة المذكورة.

وتزامن الاستهداف الأخير في وقت تكثف فيه الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة اتهاماتها لدمشق بإعادة استخدام السلاح الكيماوي في الغوطة الشرقية وريف إدلب، وتطالب بإدانة ومحاسبة المسؤولين عن ذلك.

والاستهداف المتكرر للمنطقة لم يأت من فراغ أو للقضاء على جماعات مسلحة وإرهابية، وإنما لما تكتسبه المنطقة الاستراتيجية والحساسة من أهمية، فجمرايا بالنسبة لتل أبيب هي القلب النابض للقوات السورية والقوات الداعمة لها، بالإضافة إلى كونها تضم أبرز مركز للأبحاث في سوريا، ويعمل فيه العديد من كبار العلماء السوريين.

ويشكل الموقع مركزاً من بين العديد من المراكز والمنشآت التابعة لهذه المؤسسة الكبيرة والتي لها أفرع ومراكز ومختبرات في مختلف المحافظات السورية، وكما تضم المنطقة اليوم بعضاً من أهم المنشآت العسكرية الاستراتيجية في البلاد.

عقوبات على جمرايا
وقامت الولايات المتحدة بفرض عقوبات على 271 موظفاً بالمركز لدورهم في إنتاج مواد كيميائية استخدمت في هجوم بأسلحة كيماوية على مدينة خان شيخون في محافظة إدلب عام 2017.

وفي يناير(كانون الثاني) الماضي فرضت فرنسا أيضاً عقوبات على نحو 25 شخصاً، متهمة إياهم بالعمل مع مركز البحوث السوري في إنتاج أسلحة كيماوية، وكما جمدت أصول وحسابات هؤلاء الأفراد والشركات، وقالت إنهم يشكلون جزءاً من شبكتي توريد للمركز في مجال إنتاج الأسلحة الكيماوية.

وكما فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على أكثر من 270 شخصاً ومؤسسة لهم صلة بالمركز وإنتاج أسلحة الدمار الشامل.

موقع 24
زر الذهاب إلى الأعلى